responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في أصول الفقه نویسنده : الزركشي، بدر الدين    جلد : 2  صفحه : 118
صَارُوا إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَكْلِيفًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَ الْكُفَّارَ بِالْإِيمَانِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَعَ الْفِعْلِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي التَّكْلِيفِ بِفِعْلٍ مَشْرُوطٍ عَلِمَ الْآمِرُ انْتِفَاءَ وُقُوعِهِ يَجْرِي هُنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ". فَقَالَ: قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ يَعْنِي عَبْدَ الْجَبَّارِ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرِدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُكَلَّفَ الْوَاحِدَ بِالْأَمْرِ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمُوتُ أَوْ يَعْجَزُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى وَيَقْدِرَ. انْتَهَى.
وَأَيْضًا فَقَدْ حَكَى الْإِبْيَارِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا فِي أَنَّ خِلَافَ الْمَعْلُومِ هَلْ هُوَ مُسْتَحِيلٌ لِذَاتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ؟ فَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ التَّكْلِيفُ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي التَّكْلِيفِ بِهِ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: مَنْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ فَقَدْ صَارَ إيمَانُهُ كَالْمُمْتَنِعِ إيقَاعُهُ، لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَخَالَفَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمُخَالَفَةُ عِلْمِهِ لَا تَصِحُّ، وَلَكِنَّ هَذَا الِامْتِنَاعَ لَيْسَ رَاجِعًا إلَى عَدَمِ الْإِمْكَانِ. مِنْ نَاحِيَةِ الْفِعْلِ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ، وَعِلْمُ اللَّهِ لَا يَصِيرُ الْمُمْكِنُ غَيْرَ مُمْكِنٍ، فَبَقِيَ عَلَى إمْكَانِهِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الْإِيمَانُ فِي حَقِّهِمْ كَالْمَعْجُوزِ عَنْهُ الْمُسْتَحِيلِ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ، لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ أَنَّ خِلَافَ الْمَعْلُومِ مَقْدُورٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.
قُلْت: وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَا عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: 81] لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَعَ الْفِعْلِ.

نام کتاب : البحر المحيط في أصول الفقه نویسنده : الزركشي، بدر الدين    جلد : 2  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست