responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 4  صفحه : 138
وَأَمَّا الْوُقُوعُ فَيَسْتَدْعِي دَلِيلًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَمَا يُتَخَيَّلُ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ - فَمَعَ عَدَمِ دَلَالَتِهَا فِي أَنْفُسِهَا - مُتَعَارِضَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ التَّمَسُّكُ بِالْبَعْضِ مِنْهَا أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ.
فَإِنْ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْبَعْثَةِ مُتَعَبِّدًا بِشَرِيعَةِ أَحَدٍ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِشَرِيعَةٍ مِنَ الشَّرَائِعِ السَّالِفَةِ لَنُقِلَ عَنْهُ فِعْلُ مَا تَعَبَّدَ بِهِ وَاشْتُهِرَ تَلَبُّسُهُ بِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِهَا، كَمَا هُوَ الْجَارِي مِنْ عَادَةِ كُلِّ مُتَشَرِّعٍ بِشَرِيعَةٍ، وَقَدْ عُرِفَتْ أَحْوَالُهُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِبَعْضِ الشَّرَائِعِ السَّالِفَةِ، لَافْتَخَرَ أَهْلُ تِلْكَ الشَّرِيعَةِ بَعْدَ بَعْثَتِهِ وَاشْتِهَارِهِ وَعُلُوِّ شَأْنِهِ بِنِسْبَتِهِ إِلَيْهِمْ وَإِلَى شَرْعِهِمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ [1] .
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَعَبُّدِهِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى تَعَبُّدِهِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْرَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ كُلَّ مَنْ سَبَقَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ كَانَ دَاعِيًا إِلَى اتِّبَاعِ شَرْعِهِ كُلَّ الْمُكَلَّفِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ كَانَ يُصَلِّي وَيَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ وَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيُعَظِّمُهُ وَيُذَكِّي وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ وَيَرْكَبُ الْبَهَائِمَ وَيَسْتَسْخِرُهَا وَيَتَجَنَّبُ الْمَيْتَةَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِمَّا لَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ الْعَقْلُ وَلَا يَحْسُنُ بِغَيْرِ الشَّرْعِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ [2] أَنَّهُ مُقَابِلٌ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الشَّرَائِعِ وَلَا مُتَعَبِّدًا بِشَيْءٍ مِنْهَا؛ لَظَهَرَ مِنْهُ التَّلَبُّسُ بِخِلَافِ مَا أَهْلُ تِلْكَ الشَّرَائِعِ مُتَلَبِّسُونَ بِهِ، وَاشْتُهِرَتْ مُخَالَفَتُهُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَكَانَتِ الدَّوَاعِي مُتَوَفِّرَةً عَلَى نَقْلِهِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ.

[1] لَمْ يُنْقَلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ - هَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ الصُّغْرَى فِي كُلٍّ مِنَ الْأَدِلَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
[2] يَعْنِي الْجَوَابَ عَنْ دَلِيلِ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ الَّذِي سَاقَهُ فِي صُورَةِ اعْتِرَاضِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست