responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 78
وَيَكُونُ بِذَلِكَ مُنَبِّهًا عَلَى إِثْبَاتِ الْحُكْمِ فِيمَا عَدَا الصِّفَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ: " ضَحُّوا بِشَاةٍ " فَإِنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ عَوْرَاءَ، فَإِذَا قَالَ: " ضَحُّوا بِشَاةٍ عَوْرَاءَ " كَانَ ذَلِكَ أَدَلَّ عَلَى التَّضْحِيَةِ بِمَا لَيْسَتْ عَوْرَاءَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ} عَلَى الْعُمُومِ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِهِمْ عِنْدَ خَشْيَةِ الْإِمْلَاقِ، فَإِذَا قَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} كَانَ أَدَلَّ عَلَى النَّهْيِ حَالَةَ الْخَشْيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ لِفَائِدَةِ تَعْرِيفِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَسْكُوتِ بِنَصَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، إِذْ هُوَ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنَ التَّعْمِيمِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَإِمْكَانِ تَطَرُّقِ التَّخْصِيصِ بِالِاجْتِهَادِ إِلَى مَحَلِّ الصِّفَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَيْسَ مُرَادًا لِلتَّخْصِيصِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِفَائِدَةِ التَّوَصُّلِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ لِيَنَالَ الْمُكَلَّفُ ثَوَابَ الِاجْتِهَادِ، وَحِينَ تَوَفَّرَ دَوَاعِي الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالْبَحْثِ عَنِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَتَبْقَى غَضَّةً طَرِيَّةً، كَمَا هِيَ فِي سَائِرِ الْأُصُولِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا مَعَ وُقُوعِهَا فِي الْأَقْيِسَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الصِّفَةِ جَارِيًا عَلَى حُكْمِ الْعَقْلِ الْأَصْلِيِّ، وَتَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِي نَظَرِ الشَّارِعِ تَعْرِيفَ ذَلِكَ الْحُكْمِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ بِالنَّصِّ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا بِالْبَقَاءِ عَلَى الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، كَمَا لَوْ قَالَ: " «لَا زَكَاةَ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ» " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْحُكْمُ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ مُخَالِفًا لِلْحُكْمِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ، فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى خِلَافِ حُكْمِ الْعَقْلِ، كَمَا فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ، وَتَكُونَ فَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى مَحَلِّ الصِّفَةِ اخْتِصَاصَهُ بِالْحُكْمِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا النَّصُّ لَمَا ثَبَتَ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ، مُنْتَفِيًا بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْعَقْلِ الْأَصْلِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا سَلَّمْتُمُ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ فَقَدْ وَافَقْتُمْ عَلَى الْمَطْلُوبِ.
قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ النِّزَاعَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي إِسْنَادِ النَّفْيِ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ إِلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ لَا إِلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ.

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست