responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 43
قُلْنَا مَتَى، إِذَا كَانَ الْفِعْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ مُبَيَّنًا، أَوْ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَيَّنًا؟ الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ.
وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وُجُوبِهِ وَعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِتَرْكِهِ، بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ الْأَمْرِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا مُطْلَقُ الدُّعَاءِ إِجْمَاعًا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا الْبَيَانُ، بَلْ أَخَّرَ بَيَانَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَوْقَاتِهَا إِلَى أَنْ بَيَّنَ ذَلِكَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ، وَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِغَيْرِهِ بَعْدَ بَيَانِ جِبْرِيلَ لَهُ.
وَكَذَلِكَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} مُطْلَقًا، ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ وَصِفَتِهِ فِي النُّقُودِ وَالْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ شَيْئًا فَشَيْئًا.
وَكَذَلِكَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ فِي مِقْدَارِهِ وَصِفَتِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ.
وَكَذَلِكَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} ثُمَّ نَزَلَ تَخْصِيصُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوَامِرِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ تُبَيَّنْ تَفَاصِيلُهَا إِلَّا بَعْدَ مُدَدٍ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُؤَخَّرُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَوَامِرِ إِنَّمَا هُوَ الْبَيَانُ التَّفْصِيلِيُّ، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ.
كَيْفَ وَإِنَّ الْأَمْرَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ، أَوِ التَّرَاخِي، وَتَمَامُ الْإِشْكَالِ مَا سَبَقَ.
قُلْنَا: وَجَوَابُ الْإِشْكَالَيْنِ أَيْضًا مَا سَبَقَ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةَ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِرْثِ وَرَدَتْ مُطْلَقَةً، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى التَّدْرِيجِ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ، وَمَنْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا وَمَنْ لَا يَحِلُّ، وَصِفَاتُ الْعُقُودِ وَشُرُوطُهَا، وَمَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ، وَمَقَادِيرُ الْمَوَارِيثِ شَيْئًا فَشَيْئًا.
وَمَنْ نَظَرَ فِي جَمِيعِ عُمُومَاتِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَجَدَهَا كَذَلِكَ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَشَكَى الْأَنْصَارُ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَخَّصَ لَهُمْ فِي الْعَرَايَا، وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ الْمُزَابَنَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ اقْتَرَنَ بِنَهْيهِ عَنْ ذَلِكَ بَيَانُ مُجْمَلٍ وَلَا مُفَصَّلٍ، وَهُوَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَسْخًا أَوْ تَخْصِيصًا وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُخَالِفِ فِيهِ.

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست