responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 37
قُلْنَا ظَاهِرُ الْأَمْرِ يَدُلُّ عَلَى التَّنْكِيرِ حَيْثُ قَالَ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} .
وَالْقَوْلُ بِالتَّعْيِينِ مُخَالِفٌ لِلتَّنْكِيرِ الْمَفْهُومِ مِنَ اللَّفْظِ، وَلَيْسَ الْحَمْلُ عَلَى التَّعْيِينِ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ سُؤَالِهِمْ وَمُخَالَفَةِ ظَاهِرِ النَّصِّ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، بَلْ مُوَافَقَةُ ظَاهِرِ النَّصِّ أَوْلَى.
قَوْلُكُمْ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي جَمِيعِ الْكِنَايَاتِ عَائِدٌ إِلَى الْمَأْمُورِ بِهِ أَوَّلًا، لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُمْ: لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ ذَلِكَ تَكْلِيفًا بِأُمُورٍ مُجَدَّدَةٍ مُسَلَّمٌ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ؟ قَوْلُكُمْ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَكَانَ الْوَاجِبُ مِنَ الْمَذْكُورَةِ آخِرًا دُونَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا، لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ.
وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ ذَبْحَ بَقَرَةٍ مُتَّصِفَةٍ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ أَوْجَبَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَذْكُورَةَ ثَانِيًا، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ.
قَوْلُكُمْ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمَا كَانَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أَنَّهُ قَالَ لَوْ ذَبَحُوا أَيَّةَ بَقَرَةٍ أَرَادُوا لَأَجْزَأَتْهُمْ، لَكِنَّهُمْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. [1] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ ابْتِدَاءَ إِيجَابٍ لَا بَيَانًا، لِأَنَّ الْبَيَانَ لَيْسَ بِتَشْدِيدٍ بَلْ تَعْيِينُ مَا هُوَ الْوَاجِبُ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُوَافَقَةَ ظَاهِرِ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى تَنْكِيرِ الْبَقَرَةِ وَظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْلَى مِنْ مُوَافَقَةِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ لُزُومِ مُطَابَقَةِ الْجَوَابِ لِلسُّؤَالِ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْأَصْلَيْنِ، وَمُخَالَفَةِ أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَمَا ذَكَرُوهُ بِالْعَكْسِ.
ثُمَّ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ كَانَ بَقَرَةً مُعَيَّنَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا الْبَيَانَ الْإِجْمَالِيَّ أَوِ التَّفْصِيلِيَّ؟
الْأَوَّلُ: مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ التَّفْصِيلِيِّ، تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ.
وَلَيْسَ تَقْيِيدُ سُؤَالِهِمْ بِطَلَبِ الْبَيَانِ مَعَ إِطْلَاقِهِ بِالْإِجْمَالِيِّ أَوْلَى مِنَ التَّفْصِيلِيِّ، وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ.
وَرُبَّمَا أَوْرَدَ عَلَى هَذَا الِاحْتِجَاجِ مَا لَا اتِّجَاهَ لَهُ، كَقَوْلِهِمْ: مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ مُقَارِنًا لِلْمُبَيَّنِ؟ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَبَيَّنُوا أَنَّ الْأَمْرَ بِالذَّبْحِ كَانَ نَاجِزًا، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ.

[1] انْظُرْ تَعْلِيقَ ابْنِ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ وَمَا رُوِيَ بِمَعْنَاهُ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست