responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 27
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الْفِعْلَ يَكُونُ بَيَانًا، خِلَافًا لِطَائِفَةٍ شَاذَّةٍ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ النَّقْلُ وَالْعَقْلُ، أَمَّا النَّقْلُ: فَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَرَّفَ الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ بِفِعْلِهِ حَيْثُ قَالَ: " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» "، " «وَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ".
وَأَمَّا الْعَقْلُ: فَهُوَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى كَوْنِ الْقَوْلِ بَيَانًا، وَالْإِتْيَانُ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ؛ لِكَوْنِهَا مُشَاهَدَةً أَدَلُّ عَلَى مَعْرِفَةِ تَفْصِيلِهَا مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْهَا بِالْقَوْلِ، فَإِنَّهُ (لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ) [1] وَلِهَذَا كَانَتْ مُشَاهَدَةُ زَيْدٍ فِي الدَّارِ أَدُلُّ عَلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ فِيهَا مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ بَيَانًا، مَعَ قُصُورِهِ فِي الدَّلَالَةِ عَنِ الْفِعْلِ الْمُشَاهَدِ، فَكَوْنُ الْفِعْلِ بَيَانًا أَوْلَى.
فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا النَّقْلُ فَالْبَيَانُ فِيهِ إِنَّمَا وَقَعَ بِالْقَوْلِ لَا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، «وَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» "، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَهُوَ أَنَّ الْفِعْلَ وَإِنْ كَانَ مُشَاهَدًا غَيْرَ أَنَّ زَمَانَ الْبَيَانِ بِهِ مِمَّا يَطُولُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ مَعَ إِمْكَانِهِ بِمَا هُوَ أَفْضَى إِلَيْهِ، وَهُوَ الْقَوْلُ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.
قُلْنَا: أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْبَيَانَ إِنَّمَا حَصَلَ بِالْقَوْلِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ تَعْرِيفَ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، بَلْ غَايَتُهُ تَعْرِيفُ أَنَّ الْفِعْلَ هُوَ الْبَيَانُ لِذَلِكَ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْبَيَانَ بِالْفِعْلِ مما يُفْضِي إِلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ مَعَ إِمْكَانِ تَقَدُّمِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلِ التَّعْرِيفُ بِالْقَوْلِ. وَذِكْرُ كُلِّ فِعْلٍ بِصِفَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَبْعَدُ عَنِ التَّشَبُّثِ بِالذِّهْنِ مِنَ الْفِعْلِ الْمُشَاهَدِ، وَرُبَّمَا احْتِيجَ فِي ذَلِكَ إِلَى تَكْرِيرٍ فِي أَزْمِنَةٍ تَزِيدُ عَلَى زَمَانِ وُقُوعِ (الْفِعْلِ) بِأَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ، عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ.
وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ زَمَانَ التَّعْرِيفِ بِالْفِعْلِ يَكُونُ أَطْوَلَ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ صَالِحٍ لِلْبَيَانِ وَالتَّعْرِيفِ، وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّعْرِيفِ أَدَلُّ مِنَ الْقَوْلِ.

[1] جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ، انْظُرْ طُرُقَهُ وَمَنْ خَرَّجَهُ وَالْكَلَامَ عَلَى مَتْنِهِ وَأَسَانِيدِهِ فِي كَشْفِ الْخَفَاءِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست