responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 258
سَأَلَتْهُ الْجَارِيَةُ الْخَثْعَمِيَّةُ وَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ الْوَفَاةُ وَعَلَيْهِ فَرِيضَةُ الْحَجِّ فَإِنْ حَجَجْتُ عَنْهُ أَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ أَكَانَ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» . [1] فَالْخَثْعَمِيَّةُ إِنَّمَا سَأَلَتْ عَنِ الْحَجِّ وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَكَرَ دَيْنَ الْآدَمِيِّ وَالْحَجِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ دَيْنٌ نَظِيرٌ لِدَيْنِ الْآدَمِيِّ، فَذَكَرَهُ لِنَظِيرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ مَعَ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِهِ وَإِلَّا كَانَ ذِكْرُهُ عَبَثًا.
وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ نَظِيرِ الْوَاقِعَةِ عِلَّةً لِلْحُكْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ أَيْضًا عِلَّةً لِمِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ ضَرُورَةَ الْمُمَاثَلَةِ.
وَمَا مِثْلُ هَذَا يُسَمِّيهِ الْأُصُولِيُّونَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ، فَكَأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى الْأَصْلِ وَعَلَى عِلَّةِ حُكْمِهِ وَعَلَى صِحَّةِ إِلْحَاقِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ الْعِلَّةِ الْمُومِي إِلَيْهَا.
وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا مَثَّلَ بِهِ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ، وَذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنْ «عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ قُبْلَةِ الصَّائِمِ هَلْ تُفْسِدُ الصَّوْمَ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ أَكَانَ ذَلِكَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ؟ فَقَالَ: لَا» . وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ النَّقْضِ لِمَا تَوَهَّمَهُ عُمَرُ مِنْ كَوْنِ الْقُبْلَةِ مُفْسِدَةً لِلصَّوْمِ لِكَوْنِهَا مُقَدِّمَةً لِلْوِقَاعِ الْمُفْسِدِ لِلصَّوْمِ، فَنَقَضَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ بِالْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهَا مُقَدِّمَةٌ لِلشُّرْبِ الْمُفْسِدِ لِلصَّوْمِ وَلَيْسَتْ مَفْسَدَةً لِلصَّوْمِ.
أَمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى عَدَمِ الْإِفْسَادِ بِكَوْنِ الْمَضْمَضَةِ مُقَدِّمَةً لِلْفَسَادِ فَلَا.
وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَ الْقُبْلَةِ وَالْمَضْمَضَةِ مُقَدِّمَةً لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ لَيْسَ فِيهِ مَا يُتَخَيَّلُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنَ الْإِفْطَارِ، بَلْ غَايَتُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُفْطِرًا، فَكَانَ الْأَشْبَهُ بِمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَكُونَ نَقْضًا لَا تَعْلِيلًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ لَا زَائِدًا عَلَيْهِ وَلَا نَاقِصًا عَنْهُ

[1] يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحَجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. . . . إِلَخِ انْظُرْ تَلْخِيصَ الْحَبِيرِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست