responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 249
وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، فَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى امْتِنَاعِ ثُبُوتِ مِثْلَ حُكْمِ الْفَرْعِ فِي الْأَصْلِ.
وَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَنْصِيصُ الشَّارِعِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ دُونَ حُكْمِ الْفَرْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ أَفْضَى إِلَى الْمَقْصُودِ مِنْ حُكْمِ الْفَرْعِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ حُكْمُ الْفَرْعِ أَفْضَى إِلَى الْمَقْصُودِ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ لَكَانَ أَوْلَى بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ فَرْعُ تَصَوُّرِ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ هُوَ كَلَامُهُ وَخِطَابُهُ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي تَعَلُّقَاتِهِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، وَحُكْمُ الشَّارِعِ بِالْوُجُوبِ لَا يُخَالِفُ حُكْمَهُ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ وَكَلَامُهُ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ كَالذَّمِّ عَلَى الْفِعْلِ، وَالذَّمِّ عَلَى التَّرْكِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ مَحِلِّ الْخِطَابِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ اخْتِلَافَ مَحِلِّ الْخِطَابِ غَيْرُ مَوْجُودٍ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ، بِدَلِيلِ اشْتِرَاكِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِي حُكْمِ الْوُجُوبِ، وَالْقَتْلِ وَالزِّنَى فِي التَّحْرِيمِ. (1)

(1) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيَّةِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ صِفَةٌ نَفْسِيَّةٌ قَدِيمَةٌ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ، وَأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ فَأَمْرُهُ عَيْنُ نَهْيِهِ وَخَبَرُهُ عَيْنُ اسْتِخْبَارِهِ وَوَعْدُهُ عَيْنُ وَعِيدِهِ، وَإِنَّمَا يَتَنَوَّعُ عِنْدَهُمْ إِلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَيَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقَاتِهِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ كَلَامَ اللَّهِ يُطْلَقُ عِنْدَهُمْ عَلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى حَقِيقَةً، وَقَدْ يَنْصَرِفُ إِلَى أَحَدِهِمَا بِقَرِينَةٍ وَيَتَنَوَّعُ فِي نَفْسِهِ إِلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَخَبَرٍ وَإِنْشَاءٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ سُبْحَانَهُ فِيمَا مَضَى وَلَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ وَسَيَتَكَلَّمُ فِي الْمَوْقِفِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ وَمَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُكَلِّمُ كُلًّا بِمَا يُنَاسِبُهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، وَإِذَنْ فَالِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ وَمَا ذُكِرَ بَعْدُ مِنِ اشْتَرَاكِ حُكْمِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِي حُكْمِ الْوُجُوبِ فَمُسَلَّمٌ، لَكِنَّهُ اشْتَرَاكٌ فِي جِنْسِ الْوُجُوبِ لَا فِي عَيْنِهِ وَشَخْصِهِ، فَوُجُوبُ الصَّلَاةِ ثَبَتَ بِأَمْرٍ يَخُصُّهُ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَقْتَ فَرْضِهِ الصَّلَاةَ، وَوُجُوبُ الصِّيَامِ ثَبَتَ بِأَمْرٍ يَخُصُّهُ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ فَرْضِهِ الصَّلَاةَ بِسَنَوَاتٍ، وَالْقَصْدُ أَنَّ وُجُوبَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَخْتَلِفُ عَنِ الْآخَرِ فِي شَخْصِهِ وَفِيمَا وَجَبَ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَفِي دَرَجَتِهِ وَآثَارِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي تَحْرِيمِ الْقَتْلِ وَالرِّبَا وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فَهِيَ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي أَعْيَانِهَا وَفِيمَا وَجَبَتْ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ تَعَالَى، وَفِي الزَّمَنِ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِتَحْرِيمِ كُلٍّ مِنْهَا.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست