responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 158
قُلْنَا قَوْلُهُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ نَسْخُ رَسْمِهَا أَوْ نَسْخُ حُكْمِهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَإِنَّهُ وَصَفَ الْبَدَلَ بِكَوْنِهِ خَيْرًا مِنْهَا، وَالْقُرْآنُ خَيْرٌ كُلُّهُ وَلَا يُفَضَّلُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ [1] ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ النَّاسِخَ يَكُونُ خَيْرًا مِنَ الْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ أَوْ مِثْلَهُ.
وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ النَّاسِخُ أَصْلَحَ فِي التَّكْلِيفِ وَأَنْفَعَ لِلْمُكَلَّفِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ إِذَا كَانَتْ نَاسِخَةً فَالْآتِي بِمَا هُوَ خَيْرٌ، إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَالرَّسُولُ مَبْلَغٌ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّاسِخَ لَا يَكُونُ إِلَّا قُرْآنًا بَلِ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ خَيْرٌ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى لُزُومِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ الْآيَةِ الْمَنْسُوخِ حُكْمُهَا وَبَيْنَ نَاسِخِهِ ; لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَيْرًا، وَالْقُرْآنُ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ عَلَى مَا سَبَقَ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُفَاضَلَةَ وَالْمُمَاثَلَةَ إِنَّمَا هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى الْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ وَالْحُكْمِ النَّاسِخِ عَلَى مَا سَبَقَ.
وَعَلَى هَذَا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُ: " مَا آخُذُ مِنْكَ دِرْهُمًا إِلَّا وَآتِيكَ بِخَيْرٍ مِنْهُ " أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمُجَانَسَةِ فَإِنَّ مَا هُوَ خَيْرٌ أَعَمُّ مِنَ الْجِنْسِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: " آتِيكَ بِشَيْءٍ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا أَخَذْتُ مِنْكَ " وَالْمَذْكُورُ أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْآيَةُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " بِخَيْرٍ مِنْهَا " وَإِنْ كَانَ عَائِدًا إِلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُجَانَسَةُ بَيْنَ الْمُضْمَرِ وَالْمُظْهَرِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الرَّابِعُ: فَنَحْنُ قَائِلُونَ بِمُوجِبِهِ، فَإِنَّ الْمُتَمَكِّنَ مِنْ إِزَالَةِ الْحُكْمِ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي نَسْخِ كُلِّ آيَةٍ مِنَ الْإِتْيَانِ بِآيَةٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْهَا أَوْ مِثْلُهَا ضَرُورَةَ الْإِخْبَارِ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الْمَأْتِيَّ بِهَا هِيَ النَّاسِخَةُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ النَّاسِخُ غَيْرَهَا.

[1] الْخَيْرِيَّةُ قَدْ تَكُونُ فِي الثَّوَابِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي تَأَثُّرِ التَّالِينَ وَالسَّامِعِينَ، وَقَدْ تَكُونُ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَاتُ مِنَ الْأَحْكَامِ أُصُولًا وَفُرُوعًا ضَرُورِيَّاتٍ وَمُكَمِّلَاتٍ، وَقَدْ تَكُونُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَأَطْوَارِهِمْ فَيَكُونُ حُكْمٌ فِي حَالٍ وَظُرُوفٍ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ لِلنَّاسِ مِنْ غَيْرِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، انْظُرْ مَا كَتَبَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَى الْآيَةِ فِي كِتَابِهِ " جَوَابُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ ".
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست