responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 154
أَنْ يُقَالَ: إِنَّ نَسْخَ الْجَلْدِ بِالرَّجْمِ إِنَّمَا كَانَ بِقُرْآنٍ نُسِخَ رَسْمُهُ، وَهُوَ مَا رُوِيَ «عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: (كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ) [1] وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: (لَوْلَا أَنَّنِي أَخْشَى أَنْ يُقَالَ زَادَ عُمَرُ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ لَكَتَبْتُ: " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا " عَلَى حَاشِيَةِ الْمُصْحَفِ) وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا ; لِأَنَّا نَقُولُ: غَايَةُ قَوْلِ عُمَرَ الدَّلَالَةُ عَلَى إِخْرَاجِ ذَلِكَ عَنِ الْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ لِنَسْخِ تِلَاوَتِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، فَإِنْ قِيلَ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ) لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّوَاتُرِ، بَلْ بِقَوْلِ عُمَرَ وَنَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ مُمْتَنِعٌ عَلَى مَا يَأْتِي، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قُرْآنًا أَوْ سُنَّةً.

[1] يَتَلَخَّصُ الْكَلَامُ عَلَى رَجْمِ الْمُحْصَنِ فِي ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ: نَقْلُهُ عَمَلِيًّا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا، فَلَمْ يَخْلُ عَهْدٌ مِنْ إِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَا جَلْدًا لِلْبِكْرِ وَرَجْمًا لِلثَّيِّبِ، وَنَقْلُهُ أَيْضًا بِالْقَوْلِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ نَقْلًا مُسْتَفِيضًا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَاتِرًا، وَكُلٌّ مِنَ النَّقْلَيْنِ يُفِيدُ وَحْدَهُ الْعِلْمَ بِثُبُوتِ حَدِّ الرَّجْمِ وَبِاجْتِمَاعِهِمَا يَتَأَكَّدُ الْعِلْمُ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ، وَلَا مَدْخَلَ بَعْدَ هَذَا لِشُبْهَةٍ وَلَا مَوْضِعَ لِرِيبَةٍ.
الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الرَّجْمِ مِمَّا نَزَلَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ قَرَأَهَا الصَّحَابَةُ وَحَفِظُوهَا وَعَمِلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ وَالصَّحَابَةُ بَعْدَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فِي خُطْبَةٍ طَوِيلَةٍ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ - آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ. الْحَدِيثَ، إِلَّا أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ لَمْ تَذْكُرْ نَصَّ الْآيَةِ وَلَمْ تُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ " وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ أَنَّهَا مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ.
الثَّالِثُ: قَوْلُ عُمَرَ: وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَوْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمٌ أَنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ لَأَثْبَتُّهَا كَمَا نَزَلَتْ "، وَهَذِهِ الْمَقَالَةُ فِيهَا نَظَرٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ لِيَمْنَعُهُ قَوْلُ النَّاسِ أَوِ الْخَوْفُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ مِنْهُ فِي عَقِيدَتِهِ، وَقَدْ عُرِفَ بِالصَّرَاحَةِ فِي الْقَوْلِ وَالصَّلَابَةِ فِي الْحَقِّ، لَا يَخْشَى فِي ذَلِكَ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَوْ كَانَ مُعْتَذِرًا فِي ذَلِكَ لَاعْتَذَرَ بِمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا. الثَّانِيَةُ: أَنَّ فِي أَسَانِيدِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ ضَعْفًا، فَفِي أَحَدِ أَسَانِيدِهَا عِنْدَ أَحْمَدَ - هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ السُّلَمِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَهُشَيْمٌ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ، وَقَدْ عَنْعَنَ وَهُوَ لَيِّنٌ فِي الزُّهْرِيِّ، وَفِي سَنَدٍ آخَرَ عِنْدَهُ: هُشَيْمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَلَيٌّ ضَعِيفٌ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ رِيبَةٌ وَفَتْحٌ لِبَابِ الظِّنَّةِ فِي الصَّحَابَةِ وَالْقُرْآنِ، فَيَجِبُ أَنْ تُبْحَثَ وَتُحَقَّقَ كَمَا يَنْبَغِي وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست