responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 151
يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَقَدْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ: " حَشَا اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَارًا» " ; لِحَبْسِهِمْ لَهُ عَنِ الصَّلَاةِ [1] ، وَقَدْ نُسِخَ ذَلِكَ الْجَوَازُ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ صُوَرِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ، مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْتُمُوهُ ثَابِتًا بِقُرْآنٍ نُسِخَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ؟ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ، وَلَكِنْ مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ النَّسْخُ وَقَعَ بِالسُّنَّةِ، وَدَلَالَةُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْآيَاتِ عَلَى أَحْكَامِهَا لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ ارْتِفَاعِ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ بِالسُّنَّةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَأَحْكَامِ التَّنْزِيلِ، وَقَدْ أَنْكَرَ نَسْخَ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لَمَا كَانَ إِنْكَارُهُ صَحِيحًا، ثُمَّ وَإِنْ سَلَّمْنَا دَلَالَةَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى نَسْخِ السُّنَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِالنَّصِّ وَالْمَعْقُولِ.
أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} جَعَلَ السُّنَّةَ بَيَانًا فَلَوْ نُسِخَتْ لَخَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا بَيَانًا، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ نُسِخَتِ السُّنَّةُ بِالْقُرْآنِ لَزِمَ تَنْفِيرُ النَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ طَاعَتِهِ ; لِإِيهَامِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ مَا سَنَّهُ الرَّسُولُ، وَذَلِكَ مُنَاقِضٌ لِمَقْصُودِ الْبَعْثَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} .
الثَّانِي: أَنَّ السُّنَّةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْقُرْآنِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزَةٌ وَمَتْلُوٌّ وَمُحَرَّمٌ تِلَاوَتُهُ عَلَى الْجُنُبِ وَلَا كَذَلِكَ السُّنَّةُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ مِنْ جِنْسِ السُّنَّةِ امْتَنَعَ نَسْخُهُ لَهَا كَمَا يَمْتَنِعُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِحُكْمِ دَلِيلِ الْعَقْلِ وَبِالْعَكْسِ.

[1] يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِهُوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: " (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) "، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ الظَّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست