responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 142
وَأَمَّا نَسْخُ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ: فَمَا رُوِيَ «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ: " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» " فَإِنَّهُ مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ.
وَهَلْ يَجُوزُ بَعْدَ نَسْخِ تِلَاوَةِ الْآيَةِ أَنْ يَمَسَّهَا الْمُحْدِثُ وَيَتْلُوهَا الْجُنُبُ.
فَذَلِكَ مِمَّا تَرَدَّدَ الْأُصُولِيُّونَ فِيهِ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: الْحُكْمُ مَعَ التِّلَاوَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعِلْمِ مَعَ الْعَالَمِيَّةِ، وَالْحَرَكَةِ مَعَ الْمُتَحَرِّكِيَّةِ، وَالْمَنْطُوقِ مَعَ الْمَفْهُومِ، وَكَمَا لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَالَمِيَّةِ وَالْمَنْطُوقِ مَعَ الْمَفْهُومِ، فَكَذَلِكَ التِّلَاوَةُ مَعَ حُكْمِهَا.
وَأَمَّا مَا يَخُصُّ نَسْخَ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ، فَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا نُسِخَ وَبَقِيَتِ التِّلَاوَةُ كَانَتْ مُوِهَمَةً بَقَاءَ الْحُكْمِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُعَرِّضُ الْمُكَلَّفُ إِلَى اعْتِقَادِ الْجَهْلِ، وَالْحَكِيمُ يَقْبُحُ مِنْهُ ذَلِكَ.
وَأَيْضًا إِذَا بَقِيَتِ التِّلَاوَةُ دُونَ حُكْمِهَا، تَبْقَى عَرِيَّةً عَنِ الْفَائِدَةِ، وَيَمْتَنِعُ خُلُوُّ الْقُرْآنِ عَنِ الْفَائِدَةِ.
وَأَمَّا مَا يَخُصُّ نَسْخَ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، فَوَجْهَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْآيَةَ ذَرِيعَةٌ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ، فَإِذَا نُسِخَتِ الْآيَةُ دُونَ الْحُكْمِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِارْتِفَاعِ الْحُكْمِ، وَفِيهِ تَعْرِيضُ الْمُكَلَّفِ لِاعْتِقَادِ الْجَهْلِ، وَهُوَ قَبِيحٌ مِنَ الشَّارِعِ.
الثَّانِي: أَنَّ نَسْخَ التِّلَاوَةِ دُونَ حُكْمِهَا يَكُونُ عَرِيًّا عَنِ الْفَائِدَةِ، حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ إِثْبَاتُ حُكْمٍ وَلَا رَفْعُهُ، وَمَا عَرِيَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ كَانَ عَبَثًا، وَالْعَبَثُ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: لَا نُسَلِّمُ أَوَّلًا أَنَّ الْعَالَمِيَّةَ مُغَايِرَةٌ لِقِيَامِ الْعِلْمِ بِالذَّاتِ وَلَا الْمُتَحَرِّكِيَّةَ مُغَايِرَةٌ لِقِيَامِ الْحَرَكَةِ بِالذَّاتِ، وَلَا الْمُلَازَمَةَ بَيْنَ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ لِيَصِحَّ التَّمْثِيلُ.
وَإِنْ سَلَّمْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التِّلَاوَةَ مَعَ الْحُكْمِ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ مَا ذَكَرُوهُ بَلْ هِيَ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ الْأَمَارَةِ وَالْعَلَامَةِ عَلَى الْحُكْمِ فِي ابْتِدَاءِ ثُبُوتِهِ دُونَ حَالَةِ دَوَامِهِ.

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست