responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 130
الثَّانِي: أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَاجَى بَعْدَ تَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ [1] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حُضُورِ وَقْتِ الْفِعْلِ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ تَمَكُّنِ الْمُهَاجَرَةِ فِيهِ إِلَيْهِ مَعَ رَدِّهِنَّ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى وُقُوعِ نَسْخِ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْفِعْلِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَلِأَنَّ النَّسْخَ وَرَدَ عَلَى بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ، فَكَانَ بَيَانًا أَنَّ مُرَادَهُ مِنَ اللَّفْظِ إِنَّمَا هُوَ بَعْضُ السَّنَةِ، وَيَكُونُ النَّهْيُ مُتَنَاوِلًا لِغَيْرِ مَا تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا نُسِخَ قَبْلَ دُخُولِ شَيْءٍ مِنَ الْوَقْتِ، لِأَنَّ النَّهْيَ يَكُونُ مُتَنَاوِلًا لِغَيْرِ مَا تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ ثَمَّ جَوَازُهُ هَاهُنَا.
وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَلِأَنَّ إِبَاحَةَ الْقِتَالِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الْقِتَالِ وَلَا بُدَّ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنِ الْقِتَالِ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ السَّاعَةِ، وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ النَّسْخِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ.
كَيْفَ وَأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي قَوْلِهِ: " «أُحِلَّتْ لِي مَكَّةُ سَاعَةً» " عَلَى إِبَاحَةِ الْقِتَالِ بَلْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إِبَاحَةَ قَتْلِ أُنَاسٍ مُعَيَّنِينَ كَابْنِ خَطَلٍ وَغَيْرِهِ، فَالنَّهْيُ عَنِ الْقِتَالِ لَا يَكُونُ نَسْخًا لِإِبَاحَةِ الْقِتَالِ.
وَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ حُجَّتَانِ:
الْحُجَّةُ الْأُولَى: التَّمَسُّكُ بِقِصَّةِ الْإِسْرَاءِ، وَهُوَ مَا صَحَّ بِالرِّوَايَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ عَلَى نَبِيِّهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَأَشَارَ عَلَيْهِ مُوسَى بِالرُّجُوعِ، وَقَالَ لَهُ: " «أُمَّتُكَ ضُعَفَاءُ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَاسْتَنْقِصِ اللَّهَ يَنْقُصْكَ» " وَأَنَّهُ قَبِلَ مَا أَشَارَ عَلَيْهِ، وَسَأَلَ اللَّهَ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَ الْخَمْسِينَ إِلَى أَنْ بَقِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ، وَذَلِكَ نَسْخٌ لِحُكْمِ الْفِعْلِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى زَيْدًا بِفِعْلٍ فِي الْغَدِ، وَيَمْنَعَهُ مِنْهُ بِمَانِعٍ عَائِقٍ لَهُ عَنْهُ قَبْلَ الْغَدِ، فَيَكُونَ مَأْمُورًا بِالْفِعْلِ فِي الْغَدِ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ.
وَإِذَا جَازَ الْأَمْرُ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ النَّاسِخِ مَعَ تَعْقِيبِهِ بِالنَّسْخِ إِذِ الْفِعْلُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، وَهُوَ إِلْزَامٌ مُلْزِمٌ.

[1] ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مُنَاجَاةَ عَلِيٍّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ تَقْدِيمِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، فَارْجِعْ إِلَى تَفْصِيلِ الْقِصَّةِ فِيهِ وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست