responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 128
كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا احْتَلَمَ نَبِيٌّ قَطُّ» [1] يَعْنِي مَا تَشَكَّلَ لَهُ الشَّيْطَانُ فِي الْمَنَامِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَتَشَكَّلُ لِأَهْلِ الِاحْتِلَامِ.
كَيْفَ وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ خَيَالًا لَا وَحْيًا لَمَا جَازَ لِإِبْرَاهِيمَ الْعَزْمُ عَلَى الذَّبْحِ الْمُحَرَّمِ بِمَنَامٍ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَمَا سَمَّاهُ بَلَاءً مُبِينًا، وَلَمَا احْتَاجَ إِلَى الْفِدَاءِ.
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فِي الْمَاضِي، لَكِنَّهُ قَدْ يَرِدُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَاضِي.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: " قَدْ أَمَرَنِي السُّلْطَانُ بِكَذَا " فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَهُ: " افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ " أَيْ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَأَنْتَ مَأْمُورٌ.
وَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ ضَرُورَةَ حَمْلِ الْوَلَدِ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَأَخْذِ آلَاتِ الذَّبْحِ وَتَرْوِيعِ الْوَلَدِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ وَلَا إِذْنٍ فِي ذَلِكَ.
وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ حَمْلَ الْأَمْرِ عَلَى الْعَزْمِ أَوْ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الذَّبْحِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} ثُمَّ لَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِالْعَزْمِ عَلَى الذَّبْحِ وَمُقَدِّمَاتِ الذَّبْحِ لَا غَيْرُ، لَمَا سَمَّاهُ بَلَاءً مُبِينًا، وَلَمَا احْتَاجَ إِلَى الْفِدَاءِ لِكَوْنِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِمَّا وَقَعَ، وَلَمَا قَالَ الذَّبِيحُ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} مَعْنَاهُ أَنَّكَ عَمِلْتَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَمَلَ مُصَدِّقٍ لِلرُّؤْيَا بِقَلْبِهِ.
لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِذَا كَانَ قَدْ أُمِرَ بِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَأَخْذِ الْمُدْيَةِ وَالْحَبْلِ وَتَلِّهِ لِلْجَبِينِ مَعَ إِبْهَامِ عَاقِبَةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ، فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ لَهُمَا أَنَّ عَاقِبَةَ الْأَمْرِ إِنَّمَا هِيَ الذَّبْحُ، وَذَلِكَ عَيْنُ الْبَلَاءِ، وَبِهِ يَتَحَقَّقُ قَوْلُ الذَّبِيحِ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْكَبْشِ فِدَاءً فَإِنَّمَا كَانَ عَنِ الْأَمْرِ الْمُتَوَقَّعِ لَا عَنِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَصْلِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ [2] لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْرِيطِ الْمُكَلَّفِ فِي الْجَهْلِ، حَيْثُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِالذَّبْحِ وَلَا أَمْرَ.

[1] ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْخَصَائِصِ الْكُبْرَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: " مَا احْتَلَمَ نَبِيٌّ قَطُّ، وَإِنَّمَا الِاحْتِلَامُ مِنَ الشَّيْطَانِ " وَنَسَبَهُ إِلَى الطَّبَرَانِيِّ وَالدَّيْنَوَرِيِّ فِي الْمُجَالَسَةِ.
[2] انْظُرْ رَأْيَهُ وَالرَّدَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست