responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 102
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ النَّسْخِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ
أَمَّا النَّسْخُ: فَهُوَ فِي اللُّغَةِ قَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ أَيْ: أَزَالَتْهُ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ أَثَرَ الْمَشْيِ أَيْ: أَزَالَتْهُ، وَنَسَخَ الشَّيْبُ الشَّبَابَ إِذَا أَزَالَهُ، وَمِنْهُ تَنَاسُخُ الْقُرُونِ وَالْأَزْمِنَةِ، وَالْإِزَالَةُ هِيَ الْإِعْدَامُ، وَلِهَذَا يُقَالُ: زَالَ عَنْهُ الْمَرَضُ وَالْأَلَمُ وَزَالَتِ النِّعْمَةُ عَنْ فُلَانٍ، وَيُرَادُ بِهِ الِانْعِدَامُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا.
وَقَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى نَقْلِ الشَّيْءِ وَتَحْوِيلِهِ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ مَعَ بَقَائِهِ فِي نَفْسِهِ.
قَالَ السِّجِسْتَانِيُّ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: وَالنَّسْخُ أَنْ تُحَوِّلَ مَا فِي الْخَلِيَّةِ مِنَ النَّحْلِ وَالْعَسَلِ إِلَى أُخْرَى، وَمِنْهُ تَنَاسُخُ الْمَوَارِيثِ بِانْتِقَالِهَا مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، وَتَنَاسُخُ الْأَنْفُسِ بِانْتِقَالِهَا مِنْ بَدَنٍ إِلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ.
وَمِنْهُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِمَا فِيهِ مِنْ مُشَابَهَةِ النَّقْلِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وَالْمُرَادُ بِهِ نَقْلُ الْأَعْمَالِ إِلَى الصُّحُفِ أَوْ مِنَ الصُّحُفِ إِلَى غَيْرِهَا.
اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ: فَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ كَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ إِلَى أَنَّ اسْمَ النَّسْخِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَذَهَبَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْإِزَالَةِ مَجَازٌ فِي النَّقْلِ، وَذَهَبَ الْقَفَّالُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ.
وَقَدِ احْتَجَّ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ بِأَنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ النَّسْخِ عَلَى النَّقْلِ فِي قَوْلِهِمْ: " نَسَخْتُ الْكِتَابَ " مَجَازٌ لِأَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ لَمْ يُنْقَلْ حَقِيقَةً.
وَإِذَا كَانَ اسْمُ النَّسْخِ مَجَازٌ فِي النَّقْلِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْإِزَالَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فِيمَا سِوَاهُمَا.
وَإِذَا بَطَلَ كَوْنُهُ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْآخَرِ.
وَقَدْ قَرَّرَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: إِطْلَاقُ اسْمِ النَّسْخِ بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ وَالْإِعْدَامِ وَاقِعٌ كَمَا سَبَقَ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ حَقِيقَةً فِي النَّقْلِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ عَنِ اللَّفْظِ.

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 3  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست