responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 88
بِتَكْلِيفِهَا تَجَنُّبِ الْمُسْتَقْبَحَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَفِعْلِ الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْعَقْلِيَّةِ، وَهُوَ فَرْعُ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيِّ، وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ [1] فَلَمْ يَبْقَ سِوَى التَّعَبِ وَالْعَنَاءِ الْمَحْضِ الَّذِي لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ. [2] وَالثَّانِي مُحَالٌ ; لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ الْعَقْلِ بِمَعْرِفَةِ الْفَائِدَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ دُونَ إِخْبَارِ الشَّارِعِ بِهَا وَلَا إِخْبَارَ [3] ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا مَعْنًى لِكَوْنِ الشَّيْءِ وَاجِبًا سِوَى تَرَجُّحِ فِعْلِهِ عَلَى تَرْكِهِ، وَبِالْعَقْلِ يَعْرِفُ التَّرْجِيحَ لَا أَنَّهُ مُرَجِّحٌ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا إِذِ الْمُوجِبُ هُوَ الْمُرَجِّحُ [4] ، وَإِذَا بَطَلَ الْإِيجَابُ الْعَقْلِيُّ تَعَيَّنَ الْإِيجَابُ الشَّرْعِيُّ ضَرُورَةَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى حَصْرِ الْوُجُوبِ فِي الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، فَإِذَا بَطَلَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ تَعَيَّنَ الثَّانِي مِنْهُمَا.
فَإِنْ قِيلَ: شُكْرُ الْمُنْعِمِ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ ضَرُورَةً فَمَا ذَكَرْتُمُوهُ اسْتِدْلَالٌ عَلَى إِبْطَالِ أَمْرٍ ضَرُورِيٍّ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ إِيجَابَ الْعَقْلِ لِلشُّكْرِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِفَائِدَةٍ. قَوْلُكُمْ: " حَتَّى لَا يَكُونَ عَبَثًا قَبِيحًا " فَهَذَا مِنْكُمْ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ إِنْكَارِ الْقُبْحِ الْعَقْلِيِّ، كَيْفَ وَإِنَّ تِلْكَ الْفَائِدَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةَ التَّحْصِيلِ، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةَ التَّحْصِيلِ اسْتَدْعَتْ فَائِدَةً أُخْرَى وَهُوَ تَسَلْسُلٌ مُمْتَنِعٌ.

[1] الْحَقُّ أَنَّ فِي الْأَفْعَالِ صِفَاتٍ هِيَ مَنْشَأُ حُسْنِهَا أَوْ قُبْحِهَا، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْحِسُّ وَالْفِطْرَةُ وَالْعَقْلُ وَالشَّرْعُ. وَالْمُخَالِفُ يَعْتَرِفُ بِذَلِكَ فِي تَعْلِيلِهِ الْأَحْكَامَ وَبَيَانِ حِكَمِهَا وَأَسْرَارِهَا، وَخَاصَّةً فِي الْقِيَاسِ، وَبَيَانِ مَيْزَةِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْمَمْنُوعُ اسْتِلْزَامُهَا لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِثْبَاتُهَا بِهِمَا دُونَ شَرْعٍ.
[2] بَلْ لَهَا فِي ذَلِكَ حَظٌّ وَهُوَ ابْتِغَاءُ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَمَثُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الْمُكَلَّفُ تَفْصِيلَ الْجَزَاءِ.
[3] يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ إِجْمَالًا أَنَّ هُنَالِكَ جَزَاءً.
[4] قَدْ يَلْتَزِمُ الْخَصْمُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّ الْحُكْمَ نُسِبَ إِلَى الْعَقْلِ لِمَعْرِفَتِهِ إِيَّاهُ وَإِدْرَاكِهِ لَهُ عَنْ طَرِيقِ سَبَبِهِ وَمُوجِبِهِ مِنْ حُسْنٍ أَوْ قُبْحٍ فِي الْفِعْلِ، فَلَا يَتَبَيَّنُ الْإِيجَابُ بِالشَّرْعِ، فَالْوَاجِبُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالنُّصُوصِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى قِيَامِ الْعُذْرِ لِلْعِبَادِ، لَوْ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ رُسُلَهُ هُدَاةً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست