responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 283
[خَاتِمَةٌ فِيمَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً فِيهِ وَمَا لَا يَكُونُ وهل الْإِجْمَاعَ فِي الْأَدْيَانِ السَّالِفَةِ كَانَ حُجَّةً]
خَاتِمَةٌ
فِيمَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً فِيهِ، وَمَا لَا يَكُونُ، وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي الْأَدْيَانِ السَّالِفَةِ كَانَ حُجَّةً أَمْ لَا.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ أَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ، أَوْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَالِاحْتِجَاجُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ يَكُونُ مُمْتَنِعًا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ دَوْرٌ.
وَذَلِكَ كَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى وُجُودِ الرَّبِّ تَعَالَى وَصِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ صِحَّةَ الْإِجْمَاعِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ عَنِ الْخَطَأِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ وَصِحَّةُ النُّصُوصِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى وُجُودِ الرَّبِّ الْمُرْسِلِ، وَكَوْنِ مُحَمَّدٍ رَسُولًا.
فَإِذَا تَوَقَّفَتْ مَعْرِفَةُ وُجُودِ الرَّبِّ وَرِسَالَةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ عَلَى صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ كَانَ دَوْرًا، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي، فَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَهُوَ حُجَّةٌ مَانِعَةٌ مِنَ الْمُخَالَفَةِ إِنْ كَانَ قَطْعِيًّا مِنْ غَيْرِ خِلَافِ الْقَائِلِينَ بِالْإِجْمَاعِ.
وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عَقْلِيًّا كَرُؤْيَةِ الرَّبِّ لَا فِي جِهَةٍ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ شَرْعِيًّا كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ [1] .

[1] لَمْ يَرِدْ فِي النُّصُوصِ نِسْبَةُ الْجِهَةِ إِلَى اللَّهِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، ثُمَّ هِيَ كَلِمَةٌ مُجْمَلَةٌ تَحْتَمِلُ حَقًّا، وَبَاطِلًا، فَإِنَّ إِثْبَاتَهَا لِلَّهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ عِبَادِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَهَذَا حَقٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ. وَنَفْيُهَا عَنِ اللَّهِ يَحْتَمِلُ نَفْيَ عُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ. وَيَحْتَمِلُ تَنْزِيهَهُ عَنْ أَنْ يُحِيطَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا حَقٌّ. وَإِذَنْ لَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْجِهَةِ إِلَى اللَّهِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا لِعَدَمِ وُرُودِهَا وَلِاحْتِمَالِهَا الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ. ثُمَّ مُقَابَلَةُ الْعَقْلِيِّ بِالشَّرْعِيِّ تُشْعِرُ بِأَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ وَتَنْزِيهَهُ عَنِ الشَّرِيكِ وَنَحْوَهُمَا إِنَّمَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، لَا بِدَلِيلِ الشَّرْعِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ أَدِلَّةَ النُّصُوصِ خَطَابِيَّةٌ لَا بُرْهَانِيَّةٌ لَا تَكْفِي لِإِثْبَاتِ الْقَضَايَا الْعَقْلِيَّةِ وَالْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْخَبَرِ كِتَابًا وَسُنَّةً بَعْدَ الِاسْتِقْرَاءِ، وَبَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الشَّرْعِ بِالْعَقْلِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ نُصُوصَ الشَّرْعِ كَمَا جَاءَتْ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ فِي الْقَضَايَا الْعَقْلِيَّةِ وَغَيْرِهَا جَاءَتْ بِتَقْرِيرِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ بِأَوْضَحِ حُجَّةٍ وَأَقْوَى بُرْهَانٍ، لَكِنَّهَا لَمْ تَجِئْ عَلَى أُسْلُوبِ الصِّنَاعَةِ الْمَنْطِقِيَّةِ الْمُتَكَلَّفَةِ، بَلْ عَلَى أُسْلُوبِ مَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ أَفْصَحَ عِبَارَةٍ، وَأَعْلَى بَيَانٍ، وَأَقْرَبَ طَرِيقٍ إِلَى الْفَهْمِ، وَأَيْسَرَهُ لِأَخْذِ الْأَحْكَامِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ أَدِلَّةَ الْقُرْآنِ فِي إِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَالْبَعْثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُصُولِ التَّشْرِيعِ، وَاسْتَقْرَأَ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَأُ أُولَئِكَ الَّذِينَ وَصَمُوا رَبَّهُمْ وَكِتَابَهُ وَنَبِيَّهُ وَسُنَّتَهُ، بِمَا لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِنْ عَدُوٍّ لِلْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ الْكَيْدَ لَهُمْ فِي أُصُولِ دِينِهِمْ وَمَصَادِرِ تَشْرِيعِهِمْ؛ لِيَرُدُّوهُمْ بِذَلِكَ إِلَى مَا يَزْعُمُهُ أُصُولًا عَقْلِيَّةً، وَغَالِبُهَا شُكُوكٌ وَمَجَازَاتٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْحَقَّةِ، فَقَدْ جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ، فَاللَّهُمَّ اغْنِنَا بِكِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ عَنْ مَوَارِدِ الْوَهْمِ وَمَزَالِقِ الضَّلَالِ، وَصَلَّى اللَّهُ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست