responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 253
وَأَمَّا حُجَّةُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ الْحَاضِرَ مَجَالِسَ الْحُكَّامِ يَحْضُرُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ خِلَافِهِمْ لَهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ لِمَا فِي الْإِنْكَارِ مِنَ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِمْ ; وَلِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَقْطَعُ الْخِلَافَ وَيُسْقِطُ الِاعْتِرَاضَ، بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُفْتِي، فَإِنَّ فَتْوَاهُ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا مَانِعَةٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ، وَفِي هَاتَيْنِ الْحُجَّتَيْنِ نَظَرٌ:
أَمَّا الْأُولَى: فَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَدِحَةً عَقْلًا، فَهِيَ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ أَحْوَالِ أَرْبَابِ الدِّينِ وَأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ.
أَمَّا احْتِمَالُ عَدَمِ الِاجْتِهَادِ فِي الْوَاقِعَةِ فَبَعِيدٌ مِنَ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ وَالْجَمِّ الْغَفِيرِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِهْمَالِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا حَدَثَ مَعَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وَإِلْزَامِهِمْ بِهِ وَامْتِنَاعِ تَقْلِيدِهِمْ لِغَيْرِهِمْ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ؛ فَإِنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمَ ارْتِكَابِهَا مِنَ الْمُتَدَيِّنِ الْمُسْلِمِ.
وَأَمَّا احْتِمَالُ عَدَمِ تَأْدِيَةِ الِاجْتِهَادِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ فَبَعِيدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَا مِنْ حُكْمٍ إِلَّا وَلِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ دَلَائِلُ وَأَمَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ مِمَّنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ إِنَّمَا هُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا وَالظَّفْرُ بِهَا.
وَأَمَّا احْتِمَالُ تَأْخِيرِ الْإِنْكَارِ لِلتَّرَوِّي وَالتَّفَكُّرِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا، غَيْرَ أَنَّ الْعَادَةَ تُحِيلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا مَضَتْ عَلَيْهِمْ أَزْمِنَةٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى انْقَرَضَ الْعُمْرُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
وَأَمَّا احْتِمَالُ السُّكُوتِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا، فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْنَعُ مِنْ مُبَاحَثَتِهِ وَمُنَاظَرَتِهِ وَطَلَبِ الْكَشْفِ عَنْ مَأْخَذِهِ، لَا بِطَرِيقٍ كَالْعَادَةِ الْجَارِيَةِ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ إِلَى زَمَنِنَا هَذَا بِمُنَاظَرَةِ الْمُجْتَهِدِينَ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ; لِتَحْقِيقِ الْحَقِّ وَإِبْطَالِ الْبَاطِلِ، كَمُنَاظَرَتِهِمْ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، وَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَالْعَوْلِ، وِدِيَةِ الْجَنِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ.
وَأَمَّا احْتِمَالُ التَّقِيَّةِ فَبَعِيدٌ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقِيَّةَ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْمَخَافَةَ ظَاهِرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنَّ مَبَاحِثَ الْمُجْتَهِدِينَ غَيْرُ مُسْتَلْزِمَةٍ لِذَلِكَ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ مِنْ سَادَاتِ أَرْبَابِ الدِّينِ، أَنَّ مُبَاحَثَتَهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ لَا تُوجِبُ خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا حِقْدًا فِي صَدْرِهِ تُخَافُ عَاقِبَتُهُ، إِذْ هُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الدِّينِ.

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست