responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 153
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ (1)
مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ، وَرُبَّمَا أَشْكَلَ فَهْمُ ذَلِكَ مَعَ إِحَالَتِنَا لِتَكْلِيفِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْغَافِلِ وَالسَّكْرَانِ، لِعَدَمِ الْفَهْمِ لِلتَّكَالِيفِ.
وَالْمَعْدُومُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، لِوُجُودِ أَصْلِ الْفَهْمِ فِي حَقِّهِمْ وَعَدَمِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي حَقِّ الْمَعْدُومِ، حَتَّى أَنْكَرَ ذَلِكَ جَمِيعُ الطَّوَائِفِ.
وَكَشْفُ الْغِطَاءِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّا لَا نَقُولُ بِكَوْنِ الْمَعْدُومِ مُكَلَّفًا بِالْإِتْيَانِ بِالْفِعْلِ حَالَةَ عَدَمِهِ بَلْ مَعْنَى كَوْنِهِ مُكَلَّفًا حَالَةَ الْعَدَمِ قِيَامُ الطَّلَبِ الْقَدِيمِ [2] بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لِلْفِعْلِ مِنَ الْمَعْدُومِ بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِ وَتَهْيِئَتِهِ لِفَهْمِ الْخِطَابِ، فَإِذَا وَجَدُوا مُهَيَّأً لِلتَّكْلِيفِ صَارَ مُكَلَّفًا بِذَلِكَ الطَّلَبِ وَالِاقْتِضَاءِ الْقَدِيمِ.
فَإِنَّ الْوَالِدَ لَوْ وَصَّى عِنْدَ مَوْتِهِ لِمَنْ سَيُوجَدُ بَعْدَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ بِوَصِيَّةٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ - بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِ وَفَهْمِهِ - يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِوَصِيَّةِ وَالِدِهِ حَتَّى إِنَّهُ يُوَصَفُ بِالطَّاعَةِ وَالْعِصْيَانِ بِتَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ وَالِامْتِثَالِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّنَا فِي وَقْتِنَا هَذَا نُوصَفُ بِكَوْنِنَا مَأْمُورِينَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ فِي الْحَالِ مَعْدُومًا.
وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا بِمَا وُجِدَ مِنْهُ مِنَ الْأَمْرِ حَالَ وُجُودِهِ.
وَمِثْلُ هَذَا التَّكْلِيفِ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِتَقْدِيرِ فَهْمِهِ أَيْضًا، بَلْ أَوْلَى مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي حَقِّهِ الْفَهْمُ لَا غَيْرَ، وَفِي حَقِّ الْمَعْدُومِ الْفَهْمُ وَالْوُجُودُ [3] .
وَهَلْ يُسَمَّى التَّكْلِيفُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ فِي الْأَزَلِ خِطَابًا لِلْمَعْدُومِ، وَأَمْرًا لَهُ عُرْفًا.

(1) انْظُرْ مَا ذُكِرَ فِي مُسْوَّدَةِ آلِ تَيْمِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ مِنْ أَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ بِشَرْطِ الْبُلُوغِ وَأَمْرَ الْمَجْنُونِ بِشَرْطِ الْإِفَاقَةِ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِ الْمَعْدُومِ بِشَرْطِ الْوُجُودِ: ص 45.
[2] هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ نَفْسِيٌّ فَقَطْ، لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ، وَأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ إِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي مُتَعَلِّقِهِ مِنْ مُخْبَرٍ عَنْهُ، أَوْ مَطْلُوبٍ وَفِي تَعَلُّقِهِ بِذَلِكَ، وَقَدِيمٌ فَلَا يَتَكَلَّمُ عِنْدَهُمْ إِذَا شَاءَ، وَالصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَأَنَّهُ بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ، وَأَنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ مَنْ أَرَادَ مِنْ رُسُلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَسَمِعُوا كَلَامَهُ حَقِيقَةً، وَلَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ بِقَضَائِهِ، وَتَسْمَعُهُ مَلَائِكَتُهُ، وَسَيَتَكَلَّمُ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَلٌّ بِمَا يُنَاسِبُهُ.
[3] إِذَنْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْنَعُوا تَكْلِيفَ الْمَعْدُومِ، كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِمْ، وَلِمَا ذَكَرُوا مِنَ الْعِلَّةِ أَوْ يُجَوِّزُوا تَكْلِيفَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِمَا بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست