responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 141
بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ حَرَكَاتِهِ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ، وَلَا سِيَّمَا فِي حَالَةِ إِسْرَاعِهِ فَلَا يَكُونُ خَالِقًا لَهَا. [1] الْمَسْلَكُ الثَّانِي: إِنَّ إِجْمَاعَ السَّلَفِ مُنْعَقِدٌ قَبْلَ وُجُودِ الْمُخَالِفِينَ مِنَ الثَّنَوِيَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُكَلِّفٌ بِالْإِيمَانِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ كَمَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، وَهُوَ تَكْلِيفٌ بِمَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عِلْمُ الْبَارِي تَعَالَى جَهْلًا وَهُوَ مُحَالٌ.
فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعَبْدَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يَخْلُقُهُ مِنْ أَفْعَالِهِ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ الْجُمْلَةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ التَّفْصِيلِ، الْأَوَّلُ لَا سَبِيلَ إِلَى نَفْيِهِ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ. وَإِنْ سَلَّمْنَا دَلَالَةَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ خَالِقٍ لِفِعْلِهِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِهِ لَهُ، وَدَلِيلُهُ: الْمَعْقُولُ وَالْمَنْقُولُ.
أَمَّا الْمَعْقُولُ: فَهُوَ أَنَّ قُدْرَةَ الْعَبْدِ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ مِنَّا وَمِنْكُمْ عَلَى فِعْلِهِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الْمُؤَثِّرَةَ فِيهِ لَانْتَفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقْدُورِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ الْمُؤَثِّرُ غَيْرَ الْعَبْدِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُودُ مَقْدُورٍ بَيْنَ قَادِرَيْنِ [2] وَلَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، وَلَجَازَ أَنْ تكُونَ مُتَعَلِّقَهُ [3] بِالْجَوَاهِرِ وَالْأَلْوَانِ كَمَا فِي الْعِلْمِ، وَلَكَانَ الْعَبْدُ مُضْطَرًّا بِمَا خُلِقَ فِيهِ مِنَ الْفِعْلِ لَا مُخْتَارًا،

[1] هَذَا حِجَاجٌ مَعَ الْمُخَالِفِينَ الْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْعَبْدِ لِفِعْلِ نَفْسِهِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، فَلَا يَنْهَضُ حُجَّةً عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّة بِمَنْعِ التَّكْلِيفِ بِالْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ، وَالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً، أَوْ لِطَارِئٍ مِنَ الْآفَاتِ الَّتِي تَقْعُدُ بِالْمُكَلَّفِ عَنِ الْفِعْلِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ خَالِقٍ لِفِعْلِهِ لَكِنَّهُ كَاسِبٌ لَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ ص 134، وَيَكْفِي فِي تَحْصِيلِهِ لِمُتَعَلِّقِ قُدْرَتِهِ وَكَسْبِهِ لَهُ الْعِلْمُ بِهِ وَالْقَصْدُ إِلَيْهِ إِجْمَالًا فِيمَا صَارَ مِنَ الْأَفْعَالِ عَادَةً لَهُ، أَمَّا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ عَادَةً لَهُ فَهُوَ عَالِمٌ بِتَفْصِيلِ فِعْلِهِ، مُرِيدٌ لِأَجْزَائِهِ وَآحَادِهِ فِي حُدُودِ طَاقَتِهِ ; وَلِذَا يَكُونُ فِي فِعْلِهِ مِنَ النَّقْصِ وَالْخَلَلِ بِقَدْرِ قُصُورِهِ فِي عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ وَغَفْلَتِهِ، وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ، بِخِلَافِ الْخَالِقِ لِكُلِّ شَيْءٍ اسْتِقْلَالًا عَلَى وَجْهِ الْإِحْكَامِ وَتَمَامِ الْإِبْدَاعِ، لِكَمَالِ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسَائِرِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.
[2] قُدْرَةُ الْعَبْدِ مُؤَثِّرَةٌ بِإِقْدَارِ اللَّهِ لَهُ، وَتَمْكِينِهِ إِيَّاهُ مِنَ الْفِعْلِ لَا اسْتِقْلَالًا، فَلَا يَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقْدُورِ وَغَيْرِهِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَثِّرُ فِي فِعْلِهِ غَيْرَهُ، فَإِنَّ مُتَعَلِّقَ قُدْرَتِهِ الْكَسْبُ وَالتَّسَبُّبُ، وَمُتَعَلِّقَ قُدْرَةِ اللَّهِ إِقْدَارُ الْعَبْدِ وَتَمْكِينُهُ، وَتَرْتِيبُ الْآثَارِ عَلَى فِعْلِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ وُقُوعُ مَقْدُورٍ بَيْنَ قَادِرَيْنِ، وَبِمَا ذُكِرَ يُعْرَفُ مَنْعُ بَقِيَّةِ اللَّازِمَاتِ الَّتِي فِي الْمُعَارَضَةِ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ.
[3] صَوَابُهُ: مُتَعَلِّقَةً.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست