responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 124
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ، مَصِيرًا مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْمُبَاحَ لَا مَعْنًى لَهُ سِوَى مَا انْتَفَى الْحَرَجُ عَنْ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَذَلِكَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْع وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَهُ، فَلَا يَكُونُ حُكْمًا شَرْعِيًّا.
وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ انْتِفَاءَ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ لَيْسَ بِإِبَاحَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَإِنَّمَا الْإِبَاحَةُ الشَّرْعِيَّةُ خِطَابُ الشَّارِعِ بِالتَّخْيِيرِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ. وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ، فَإِذًا [1] مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنَ الْإِبَاحَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِهَا وَمَا نُفِيَ غَيْرُ مَا أَثْبَتْنَاهُ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمُبَاحَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِه]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ [2] اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، خِلَافًا لِلْكَعْبِيِّ [3] وَأَتْبَاعِهِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ لَا مُبَاحَ فِي الشَّرْعِ بَلْ كُلُّ فِعْلٍ يُفْرَضُ فَهُوَ وَاجِبٌ مَأْمُورٌ بِهِ.
احْتَجَّ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، أَنَّ الْأَمْرَ طَلَبٌ يَسْتَلْزِمُ تَرْجِيحَ الْفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْمُبَاحِ ; لِمَا سَبَقَ فِي تَحْدِيدِهِ، وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى انْقِسَامِ الْأَحْكَامِ إِلَى وُجُوبٍ وَنَدْبٍ وَإِبَاحَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَمُنْكِرُ الْمُبَاحِ يَكُونُ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ.
وَحُجَّةُ الْكَعْبِيِّ أَنَّهُ مَا مِنْ فِعْلٍ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مُبَاحًا إِلَّا وَيَتَحَقَّقُ بِالتَّلَبُّسِ بِهِ تَرْكُ حَرَامٍ مَا، وَتَرْكُ الْحَرَامِ وَاجِبٌ وَلَا يَتِمُّ تَرْكُهُ دُونَ التَّلَبُّسِ بِضِدٍّ مِنْ أَضْدَادِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِمَا سَبَقَ.
ثُمَّ اعْتَذَرَ عَنِ الْإِجْمَاعِ الْمُحْتَجِّ بِهِ بِأَنْ قَالَ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ الْفِعْلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ لِسَبَبِ تَوَقُّفِ تَرْكِ الْحَرَامِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِذْ ذَاكَ لَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ ضَرُورَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ بِأَقْصَى الْإِمْكَانِ [4] ، وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مَنْ لَا

[1] فَإِذًا بِتَنْوِينِ الذَّالِ.
[2] انْظُرِ الْفَصْلَ التَّابِعَ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ مَسَائِلِ الْمُبَاحِ فِي ج 1 مِنْ كِتَاب " الْمُوَافَقَاتِ " لِلشَّاطِبِيِّ.
[3] هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودٍ الْبَلْخِيُّ الْكَعْبِيُّ، مِنْ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ مَاتَ سَنَةَ 319.
[4] فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَوْجِيهِ الْكَعْبِيِّ لِمَذْهَبِهِ، وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِهِ، وَالْعَطَّارُ فِي حَاشِيَتِهِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست