نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 6 صفحه : 161
صلى الله عليه وسلم في حجته التي لم يكن له بعد الهجرة غيرها ففرض عليه أن يتركهم ويستأنف سؤال غيرهم ثم يلزمه ما قلنا آنفا قبل هذا من موافقته للحق أو حرمانه إياه بعد اجتهاده ويكون العامي حينئذ بمنزلة عالم لم يبين له وجه الحكم في مسألة ما إما بتعارض أحاديث أو آي أو أحاديث وآي فحكمه التوقف والتزيد من الطلب والبحث حتى يلوح له الحق أو يموت وهو باحث عن الحق عالي الدرجة في
الآخرة في كلا الأمرين ولا يؤاخذه الله تعالى بتركه أمرا لم يلح له الحق فيه لما قدمنا قبل من أن الشريعة لا تلزم إلا من بلغته وصحت عنده والأصل إباحة كل شيء بقوله تعالى {هو لذي خلق لكم ما في لأرض جميعا ثم ستوى إلى لسمآء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم} وبقوله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس جرما في الإسلام من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته
والأصل ألا يلزم أحدا شيء إلا بعد ورود النص وبيانه وبقوله تعالى {يأيها لذين آمنوا لا تسألوا عن أشيآء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل لقرآن تبد لكم عفا لله عنها ولله غفور حليم} وبقوله عليه السلام لو قلتها لوجبت فاتركوني ما تركتكم وبقوله صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان خشيت أن يفرض عليكم فمن علم أن عليه الحج ولم يدر كيف يقيمه فلا يؤاخذ من تركه ما وجب عليه من عمل الحج إلا بما علم لا بما لا يعلم ولكن عليه التزيد في البحث حتى يدري كيف يعمل ثم حينئذ يلزمه الذي علم ولا يؤاخذ الله تعالى أحدا بشيء لم تقم عليه الحجة ولا صح عنده وجهه لأنه لم يبلغه ذلك الحكم قال تعالى {قل أي شيء أكبر شهادة قل لله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا لقرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع لله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون} وأما من قال إن الفرض على العامي أن يقبل ما أفتاه به الفقيه ولم يفسر كما فسرنا فقد أخطأ
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 6 صفحه : 161