نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 101
وقد نسخ تعالى عنا إيجابه خمسة وأربعين صلاة في كل يوم وليلة قبل أن يعمل بها أحد قال أبو محمد ومن جعل هذا بداء فقد جعل النسخ بداء ولا فرق وكل ما دخلوه في نسخ الشيء قبل أن يعمل به راجع عليهم في نسخه بعد أن يعمل به ولا فرق والله تعالى يفعل ما يشاء والذي نقدر أن الذي حداهم إلى الكلام في هذه المسألة مذهبهم الفاسد في المصالح ونحن لا نقول بها بل نفوض الأمر إلى الله عز وجل يفعل
ما يشاء ليس عليه زمام ولا له متعقب وسنبين ذلك في باب العلل من هذا الديوان إن شاء الله تعالى فإن قال قائل فماذا أراد الله عز وجل منا إذ قال خمسين صلاة في كل يوم وليلة ثم نسخها وردها إلى خمس قبل أن نصلي الخمسين قيل له وبالله تعالى التوفيق إنه أراد منا الطاعة والانقياد والعزيمة على صلاتها والاعتقاد لوجوبها علينا فقط ولم يرد تعالى قط منا كون تلك الصلوات ولا أن نعملها ونحن لا ننكر أن يأمر تعالى بما لم يرد قط منا كونه بل يوجب ذلك ونقول إنه تعالى أمر أبا طالب بالإيمان ولم يرد قط تعالى كون إيمانه موجودا وقد نص تعالى على ذلك بقوله {يأيها لرسول لا يحزنك لذين يسارعون في لكفر من لذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن لذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون لكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فحذروا ومن يرد لله فتنته فلن تملك له من لله شيئا أولئك لذين لم يرد لله أن يطهر قلوبهم لهم في لدنيا خزي ولهم في لآخرة عذاب عظيم} وقوله تعالى {إنك لا تهدي من أحببت ولكن لله يهدي من يشآء وهو أعلم بلمهتدين} فأخبر تعالى أنه لم يجب هداية أبي طالب وأنه أراد ألا يهدي قوما وكلهم مأمور بالاهتداء وقد بينا هذا في كتاب الفصل ولو أنه تعالى لم ينسخها حتى نصليها لعلمنا حينئذ أنه تعالى أراد كونها منا كما علمنا أنه تعالى أراد إسلام أبي بكر وعمر وسائر من أسلم وإنما نعلم ما أراد تعالى كونه بعد ظهوره أو أخبرنا الله تعالى بأنه سيكون والله أعلم وهو الذي أطلعنا عليه من غيبه ونحن كنا مأمورون
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 101