نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 117
إن لم نجد دليل على الخصوص صرنا إلى العموم فقد رجعوا إلى ما نكروا وأقروا
بأنهم إنما حملوا الكلام على العموم بصيغته ولفظه وبعدم الدليل على الخصوص وهذا هو نفس قولنا الذي أبوه أولا عادوا إليه من قريب فإن قال قائل إن هذا لا يوجد لزمهم السؤال الذي سألنا به أولا من قولنا لهم هل يخلو الدليل من أن يكون لفظا آخر أو معنى مستخرجا من لفظ وألزمهم إيقاظ التفاهم أبدا وأيضا فإن ذلك موجود وقد قال تعالى {إن لله يأمركم أن تؤدوا لأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين لناس أن تحكموا بلعدل إن لله نعما يعظكم به إن لله كان سميعا بصيرا} ولم تؤكد بشيء أصلا وهذا عندهم محمول على عمومه وقد قال
تعالى {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من لنسآء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وسآء سبيلا} ولم يأت بتوكيد زائد فحملوه على عمومه دون دليل غيره وارد اللفظ فقط ومثل هذا كثير جدا بل هو الأكثر في القرآن والسنة وإنما ادعوا الخصوص في مسائل يسيرة وليس هذا مكان احتجاجهم بقرينة الوعيد لأننا إنما نكلمهم في عموم كل ما اقتضاه اللفظ لا في الوجوب وقد حمل مالك قوله تعالى {أحل لكم ليلة لصيام لرفث إلى نسآئكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم لله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فلآن باشروهن وبتغوا ما كتب لله لكم وكلوا وشربوا حتى يتبين لكم لخيط لأبيض من لخيط لأسود من لفجر ثم أتموا لصيام إلى لليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في لمساجد تلك حدود لله فلا تقربوها كذلك يبين لله آياته للناس لعلهم يتقون} على عموم جميع المساجد بنص اللفظ لا بدليل زائد ولا بيان وارد وحمل قوله تعالى {ولذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بلله إنه لمن لصادقين} على جميع الأزواج بلا دليل زائد وليس شيء من ذلك إجماعا وحمل هو وأبو حنيفة قوله تعالى {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات لأخ وبنات لأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من لرضاعة وأمهات نسآئكم وربائبكم للاتي في حجوركم من نسآئكم للاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم لذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين لاختين إلا ما قد سلف إن لله كان غفورا رحيما} على عمومه في النكاح والوطء بملك اليمين وحملوا كلهم أيضا قوله تعالى {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات لأخ وبنات لأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من لرضاعة وأمهات نسآئكم وربائبكم للاتي في حجوركم من نسآئكم للاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم لذين من أصلابكم وأن تجمعوا
بين لاختين إلا ما قد سلف إن لله كان غفورا رحيما} على عموم بلا دليل بل الدليل قام على خصوص ذلك فأبوا من قبوله فبان تناقضهم في ذلك وبالله تعالى التوفيق قال علي ويلزمهم أيضا ألا يحكموا بالإجماع إذ لعل ههنا خلافا لم يبلغهم ولا يحكموا بنص إذ لعله منسوخ ولا يقاس لأن القياس لا يكون إلا على نص أو إجماع والوقف واجب في النقص والإجماع فبطل الدين كله
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 117