responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 172
لِأَن الْمجَاز مستعار ليَكُون قَائِما مقَام الْحَقِيقَة عَاملا عمله وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك إِلَّا بِإِثْبَات صفة الْعُمُوم فِيهِ أَلا ترى أَن الثَّوْب الملبوس بطرِيق الْعَارِية يعْمل عمل الملبوس بطرِيق الْملك فِيمَا هُوَ الْمَقْصُود وَهُوَ دفع الْحر وَالْبرد وَلَو لم يَجْعَل كَذَلِك لَكَانَ الْمُتَكَلّم بالمجاز عَن اخْتِيَار مخلا بالغرض فَيكون مقصرا وَذَلِكَ غير مستحسن فِي الأَصْل وَقد ظهر اسْتِحْسَان النَّاس للمجازات والاستعارات فَوق استحسانهم للفظ الَّذِي هُوَ حَقِيقَة عرفنَا أَنه لَيْسَ فِي هَذِه الِاسْتِعَارَة تَقْصِير فِيمَا هُوَ الْمَقْصُود وَأَن للمجاز من الْعَمَل مَا للْحَقِيقَة وَقَوْلهمْ إِن الْمجَاز يكون للضَّرُورَة بَاطِل فَإِن الْمجَاز مَوْجُود فِي كتاب الله تَعَالَى وَالله تَعَالَى يتعالى عَن أَن يلْحقهُ الْعَجز أَو الضَّرُورَة إِلَّا أَن التَّفَاوُت بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي اللُّزُوم والدوام من حَيْثُ إِن الْحَقِيقَة لَا تحْتَمل النَّفْي عَن موضعهَا وَالْمجَاز يحْتَمل ذَلِك وَهُوَ الْعَلامَة فِي معرفَة الْفرق بَينهمَا فَإِن اسْم الْأَب حَقِيقَة للْأَب الْأَدْنَى فَلَا يجوز نَفْيه عَنهُ بِحَال وَهُوَ مجَاز للْجدّ حَتَّى يجوز نَفْيه عَنهُ بِأَن يُقَال إِنَّه جد وَلَيْسَ بأب وَلِهَذَا تترجح الْحَقِيقَة عِنْد التَّعَارُض لِأَنَّهَا ألزم وأدوم وَالْمَطْلُوب بِكُل كلمة عِنْد الْإِطْلَاق مَا هِيَ مَوْضُوعَة لَهُ فِي الأَصْل فيترجح ذَلِك حَتَّى يقوم دَلِيل الْمجَاز بِمَنْزِلَة الملبوس يتَرَجَّح جِهَة الْملك للابس فِيهِ حَتَّى يقوم دَلِيل الْعَارِية إِلَّا إِذا كَانَت الْحَقِيقَة مهجورة فَحِينَئِذٍ يتَعَيَّن الْمجَاز لمعْرِفَة الْقَصْد إِلَى تَصْحِيح الْكَلَام وَينزل ذَلِك منزلَة دَلِيل الِاسْتِثْنَاء وَلِهَذَا قُلْنَا لَو حلف أَن لَا يَأْكُل من هَذِه الشَّجَرَة أَو من هَذَا الْقدر لَا ينْصَرف يَمِينه إِلَى عينهَا وَإِنَّمَا ينْصَرف إِلَى ثَمَرَة الشَّجَرَة وَمَا يطْبخ فِي الْقدر لِأَن الْحَقِيقَة مهجورة فَيتَعَيَّن الْمجَاز
وَلَو حلف لَا يَأْكُل من هَذِه الشَّاة ينْصَرف يَمِينه إِلَى لَحمهَا لَا إِلَى لَبنهَا وسمنها لِأَن الْحَقِيقَة هُنَا غير مهجورة فَإِن عين الشَّاة تُؤْكَل فتترجح الْحَقِيقَة على الْمجَاز عِنْد إِطْلَاق اللَّفْظ
وَلَو حلف لَا يَأْكُل من هَذَا الدَّقِيق فقد قَالَ بعض مَشَايِخنَا يَحْنَث إِذا أكل الدَّقِيق بِعَيْنِه لِأَنَّهُ مَأْكُول وَالأَصَح أَنه لَا يَحْنَث لِأَن أكل عين الدَّقِيق مهجور فَيَنْصَرِف يَمِينه إِلَى الْمجَاز وَهُوَ مَا يتَّخذ مِنْهُ الْخبز وَصَارَ دَلِيل الِاسْتِثْنَاء بِهَذَا الدَّلِيل نَحْو دَلِيل الِاسْتِثْنَاء فِيمَن حلف أَن لَا يسكن هَذِه الدَّار وَهُوَ ساكنها فَأخذ فِي النقلَة فِي الْحَال فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث وَيصير

نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست