responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 245
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [1]؛ وَإِنْ أَرَادَ إِجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، فَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِالْمَنْعِ مِنَ التَّقْلِيدِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي عَصْرِهِمْ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ إِجْمَاعَ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَوُجُودُ الْمُنْكِرِينَ لِذَلِكَ مُنْذُ ذلك الوقت إلى هذه الغاية معلوم لكل مَنْ يَعْرِفُ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا أَنَّ الْمَنْعَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، إذا لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا، وَإِنْ أَرَادَ إِجْمَاعَ الْمُقَلِّدِينَ لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ خَاصَّةً، فَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا قَدَّمْنَا فِي مَقْصِدِ الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِأَقْوَالِ الْمُقَلِّدِينَ فِي شَيْءٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَنْعَقِدَ بِهِمْ إِجْمَاعٌ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مَنْ جَوَّزَ التَّقْلِيدَ، فَضْلًا عَمَّنْ أَوْجَبَهُ، بِحُجَّةٍ يَنْبَغِي الِاشْتِغَالُ بِجَوَابِهَا قَطُّ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِرَدِّ شَرَائِعِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَى آرَاءِ الرِّجَالِ، بَلْ أُمِرْنَا بِمَا قَالَهُ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [2] أَيْ: كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ مَنْ يُرْسِلُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْحُكْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ الله، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنَ الرَّأْيِ كَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ[3].
وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ اسْتِبْعَادِ أَنْ يَفْهَمَ الْمُقَصِّرُونَ نُصُوصَ الشَّرْعِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ مُسَوِّغًا لِلتَّقْلِيدِ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ كما ذكروه، فههنا واسطة بين الاجتهاد والتقليد، وهي سُؤَالُ الْجَاهِلِ لِلْعَالِمِ عَنِ الشَّرْعِ فِيمَا يَعْرِضُ له، لا عن رأيه البحث وَاجْتِهَادِهِ الْمَحْضِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ عَمَلُ الْمُقَصِّرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَتَابِعِيهِمْ، وَمَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَا وَسِعَ أَهْلَ هَذِهِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُقَلِّدِينَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فِي كَثِيرٍ من الآيات: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا} [4] {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [5]، {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} [6]، وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْآيَاتِ، وَمَنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ هَذَا الْبَحْثِ عَلَى التَّمَامِ، فَلْيَرْجِعْ إِلَى الرِّسَالَةِ الَّتِي قَدَّمْتُ الْإِشَارَةَ إِلَيْهَا وَإِلَى الْمُؤَلَّفِ الَّذِي سَمَّيْتُهُ "أَدَبَ الطَّلَبِ وَمُنْتَهَى الْأَرَبِ". وَمَا أَحْسَنَ مَا حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ" عَنِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُقَالُ لِمَنْ حَكَمَ بِالتَّقْلِيدِ هَلْ لَكَ مِنْ حُجَّةٍ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ أَبْطَلَ التَّقْلِيدَ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ أَوْجَبَتْ ذَلِكَ عِنْدَهُ، لَا التَّقْلِيدُ، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، قِيلَ لَهُ: فَلِمَ أَرَقْتَ الدِّمَاءَ، وَأَبَحْتَ الْفُرُوجَ، وَالْأَمْوَالَ؟، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِحُجَّةٍ، فَإِنْ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَنِّي أَصَبْتُ وَإِنْ لَمْ أَعْرِفِ الْحُجَّةَ؛ لِأَنَّ مُعَلِّمِي مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ، قِيلَ لَهُ: تَقْلِيدُ مُعَلِّمِ مُعَلِّمِكَ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ مُعَلِّمِكَ؛ لأنه لا يقول

[1] الآيتين 43، 44 من سورة النحل.
[2] جزء من الآية 59 من سورة النساء
[3] تقدم في 1/ 152.
[4] جزء من الآية 23 من سورة الزخرف.
[5] جزء من الآية 31 من سورة التوبة.
[6] جزء من الآية 67 من سورة الأحزاب.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست