responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 234
وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ بِمِثْلِ قِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ[1] فَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَرَّحَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ مَا قَالَهُ سُلَيْمَانُ، فقال: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [2] وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لما كان لتخصيص سليمان بذلك المعنى.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [3] فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ، مِنَ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ هُوَ بِإِذْنِهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ بِخُصُوصِهَا، هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ، وَلَيْسَ النِّزَاعُ إِلَّا فِيمَا لَمْ يَرِدِ النَّصُّ فِيهِ "بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ"* بِخُصُوصِهَا، هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ، وَأَنَّ حُكْمَهُ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ أُمُورٍ، يَخْتَارُ الْمُكَلَّفُ مَا شَاءَ مِنْهَا، كَالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَأَنَّ حُكْمَهُ يَجِبُ على الكل، حتى يفعله البعض، فيسقط عن الْبَاقِينَ، كَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، فَتَدَبَّرْ هَذَا وَافْهَمْهُ حَقَّ فَهْمِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِتَصْوِيبِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِمَّنْ صَلَّى قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، لِمَنْ خَشِيَ فَوْتَ الْوَقْتِ، وَمِمَّنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ" [4] فَالْجَوَابُ عَنْهُ كَالْجَوَابِ عَمَّا قَبْلَهُ، عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّثْرِيبِ لِمَنْ قَدْ عَمِلَ بِاجْتِهَادِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ الْحَقَّ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَجْزَأَهُ مَا عَمِلَهُ بِاجْتِهَادِهِ، وَصَحَّ صُدُورُهُ عَنْهُ، لِكَوْنِهِ قَدْ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي تَحَرِّي الْحَقِّ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي طَلَبَهُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْإِصَابَةِ وَالصَّوَابِ، فَإِنَّ إِصَابَةَ الْحَقِّ "هِيَ"** الْمُوَافَقَةُ، بِخِلَافِ الصَّوَابِ فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ الْحَقَّ وَلَمْ يُصِبْهُ، مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قَدْ فَعَلَ مَا كُلِّفَ بِهِ، وَاسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا لِلْحَقِّ وَمُوَافِقًا لَهُ.
وَإِذَا عرفت هذا الحق مَعْرِفَتِهِ، لَمْ تَحْتَجْ إِلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَقَدْ حَرَّرَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْمَذَاهِبِ تَحْرِيرًا جَيِّدًا فَقَالَ: الْوَاقِعَةُ الَّتِي وَقَعَتْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا نَصٌّ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَإِمَّا أَنْ "يَجْتَهِدَ"*** الْمُجْتَهِدُ أَوْ لَا، الثَّانِي عَلَى قِسْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إما أن يقصر في

* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** في "أ": هو.
*** في "أ": يجده.

[1] تقدم في: 2/ 219.
[2] جزء من الآية 79 من سورة الأنبياء.
[3] جزء من الآية 5 من سورة الحشر.
[4] تقدم تخريجه في 2/ 223.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست