نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 2 صفحه : 218
الْمَدِينَةِ[1]، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ تَلْقِيحِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ[2].
فَأَمَّا اجْتِهَادُهُمْ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَذَاهِبَ:
الْأَوَّلُ:
لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى النَّصِّ بِنُزُولِ الْوَحْيِ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [3] وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى النُّطْقِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [4]؛ وقد حَكَى هَذَا الْمَذْهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي "التَّقْرِيبِ": كُلُّ مَنْ نَفَى الْقِيَاسَ أَحَالَ تَعَبُّدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بِهِ"*.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِيَارِ ابْنِ حَزْمٍ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سُئِلَ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ، وَيَقُولُ: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي هَذَا شَيْءٌ"، كَمَا قَالَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ زَكَاةِ الْحَمِيرِ؟ فَقَالَ: "لَمْ يَنْزِلْ عَلِيَّ "فِي ذَلِكَ" ** إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} 5"[6]، وَكَذَا انْتَظَرَ الْوَحْيَ فِي كَثِيرٍ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ.
وَمِنَ الذَّاهِبِينَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ، أَبُو عَلِيٍّ، وَأَبُو هَاشِمٍ.
الْمَذْهَبُ الثَّانِي:
أَنَّهُ يَجُوزُ لنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا خَاطَبَ عِبَادَهُ، وَضَرَبَ لَهُ الْأَمْثَالَ، وأمره
* في "أ": بالاجتهاد.
** ما بين قوسين ساقط من "أ". [1] أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 3/ 340 وابن هشام في سيرته 3/ 176. [2] أخرجه مسلم عن عائشة وثابت وأنس بن مالك بلفظ: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع أصواتًا فقال: "ما هذه الأصوات؟ " قالوا: النخل يأبرونه فقال: "لو لم يفعلوا لصلح ذلك"، فأمسكوا فلم يأبروا عامته فصار شيصًا، فذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "إذا كان شيء من أمر دنياكم فشأنكم وإذا كان شيء من أمر دينكم فإليَّ ". كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأي 2363. وأخرجه ابن ماجه، كتاب الرهون، باب تلقيح النخل 2471. ابن حبان في صحيحه 22. أحمد في مسنده 6/ 123. وفي الباب عن عبيد الله عند مسلم 2361 وابن ماجه 2470. [3] الآية: 4 من سورة النجم. [4] الآية: 3 من سورة النجم.
5 الآيتان 7-8 من سورة الزلزلة. [6] أخرجه مسلم من حديث أبو هريرة، باب الزكاة، كتاب إثم مانع الزكاة 987. وأخرجه أحمد في مسنده وانظر الفتح الرباني 8/ 235 رقم 44. وأخرجه البيهقي، كتاب الزكاة، باب من رأى في الخيل صدقة 4/ 119. وذكره التهانوني في إعلاء السنن 9/ 34.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 2 صفحه : 218