responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 189
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ
فَإِنَّهُ أَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَحَكَى بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَحَقِيقَتُهُ أَنْ يَخْتَلِفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِي أَمْرٍ عَلَى أَقَاوِيلَ، فَيَأْخُذُ بِأَقَلِّهَا إِذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الزِّيَادَةِ دَلِيلٌ.
قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: هُوَ أَنْ يَرِدَ الفعل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبنيا لمجمل، ويحتاج إلى تحديده، فيصار إلى اقل مَا يُوجَدُ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَقَلِّ الْجِزْيَةِ إِنَّهُ دِينَارٌ[1].
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هُوَ أن يختلف الصحابة في تقدير، فَيَذْهَبُ بَعْضُهُمْ إِلَى مِائَةٍ مَثَلًا، وَبَعْضُهُمْ إِلَى خَمْسِينَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ دَلَالَةٌ تُعَضِّدُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ صُيِّرَ إِلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلَالَةٌ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَأْخُذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ.
وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ الثُّلُثُ، وَحَكَى اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ فِيهِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِالْمُسَاوَاةِ، وَبَعْضَهُمْ قَالَ بِالثُّلُثِ فَكَانَ هَذَا أقلها.
وقسم ابن السمعاني المسألة إلى قسمين:
أَحَدُهُمَا:
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا أَصْلُهُ الْبَرَاءَةُ، فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ الْحَقِّ وَسُقُوطِهِ كَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى، لِمُوَافَقَةِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ الْوُجُوبِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ، كَدِيَةِ الذِّمِّيِّ إِذَا وَجَبَتْ عَلَى قَاتِلِهِ، فَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِأَقَلِّهِ دَلِيلًا؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي:
أَنْ يَكُونَ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ، كَالْجُمُعَةِ الثَّابِتِ فَرْضُهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي عَدَدِ انْعِقَادِهَا، فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ دَلِيلًا لِارْتِهَانِ الذِّمَّةِ بِهَا، فَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِالشَّكِّ.
وَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ دَلِيلًا؟ فيه وجهان.

[1] وذلك لأن الدليل قام أنه لا بد من تحديد فصار إلى أقل ما حُكي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أخذ من الجزية.
وَعُمَرَ" [1] وَمَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْهَادِينَ" [2].
فَاعْرِفْ هَذَا، وَاحْرِصْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ إِلَيْكَ وَإِلَى سَائِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ رَسُولًا إِلَّا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْمُرْكَ بِاتِّبَاعِ غَيْرِهِ، وَلَا شَرَعَ لَكَ عَلَى لِسَانِ سِوَاهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَرْفًا واحدا ولا جعل شيئًا من الْحُجَّةَ عَلَيْكَ فِي قَوْلِ غَيْرِهِ، كَائِنًا مَنْ كان.

[1] تقدم تخريجه في 1/ 221.
[2] تقدم تخريجه في 1/ 221.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست