responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 183
وَقَدْ ذَكَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ هُوَ الْقَوْلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ، كَتَخْصِيصِ بَيْعِ الْعَرَايَا مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ[1].
قَالَ: وَهَذَا هُوَ الدَّلِيلُ، فَإِنْ سَمَّوْهُ اسْتِحْسَانًا فَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّسْمِيَةِ.
وَقَالَ الْأَبْيَارِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ الْقَوْلُ بِالِاسْتِحْسَانِ، لَا عَلَى مَا سَبَقَ، بَلْ حَاصِلُهُ اسْتِعْمَالُ مَصْلَحَةٍ جُزْئِيَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ قِيَاسٍ كُلِّيٍّ، فَهُوَ يُقَدِّمُ الاستدلال المرسل على القياس.
ومثال: لَوِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِالْخِيَارِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ، فَقِيلَ: يَرُدُّ، وَقِيلَ: يَخْتَارُ الْإِمْضَاءَ. قَالَ أَشْهَبُ: الْقِيَاسُ الْفَسْخُ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ إِنْ أَرَادَ الْإِمْضَاءَ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ لَمْ يمضِ، إِذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ قَبُولِهِ نَصِيبَ الرَّادِّ.
قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إِنْ كَانَ الِاسْتِحْسَانُ هُوَ الْقَوْلَ بِمَا يَسْتَحْسِنُهُ الْإِنْسَانُ، وَيَشْتَهِيهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَا أَحَدَ يَقُولُ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنَّ تَفْسِيرَ الِاسْتِحْسَانِ بِمَا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَيْهِمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ "وَالَّذِي يَقُولُونَ بِهِ أَنَّهُ الْعُدُولُ فِي الْحُكْمِ مِنْ دَلِيلٍ إِلَى دَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ"*، فَهَذَا مِمَّا لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يُعْرَفُ اسْمًا لِمَا "يُقَالُ بِهِ"** وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْقَفَّالُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِحْسَانِ مَا دلت عليه الْأُصُولُ بِمَعَانِيهَا، فَهُوَ حَسَنٌ، لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِهِ، قَالَ: فَهَذَا لَا نُنْكِرُهُ وَنَقُولُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ مِنِ اسْتِقْبَاحِ الشَّيْءِ وَاسْتِحْسَانِهِ، مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ، من أصل ونظيره، فَهُوَ مَحْظُورٌ، وَالْقَوْلُ بِهِ غَيْرُ سَائِغٍ.
قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الِاسْتِحْسَانُ كَلِمَةٌ يُطْلِقُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ على ضربين:
أحدهما: واجب بالإجماع، وَهُوَ أَنْ يُقَدَّمَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ أَوِ الْعَقْلِيُّ، لِحُسْنِهِ[2]، فَهَذَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ مَا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ، وَالْقَبِيحَ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الدَّلِيلِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَحْظُورًا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَفِي عَادَاتِ النَّاسِ "إِبَاحَتُهُ، أَوْ يَكُونَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ يُغَلِّظُهُ وَفِي عَادَاتِ النَّاسِ التَّخْفِيفُ"*** فَهَذَا عِنْدَنَا يَحْرُمُ الْقَوْلُ بِهِ، وَيَجِبُ اتِّبَاعُ الدَّلِيلِ، وَتَرْكُ الْعَادَةِ وَالرَّأْيِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الدَّلِيلُ نَصًّا، أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا. انْتَهَى.

* في "أ": مكانها: وإن تفسير الاستحسان بالعدول عن دليل أقوى منه.
** في "أ": يقاربه.
*** ما بين قوسين ساقط من "أ". وهو مثبت في البحر المحيط 6/ 90.

[1] أخرجه مالك في الموطأ، كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع العرية 14، 2/ 619 وتقدم تخريجه 1/ 152.
[2] مثاله: القول بحدوث العالم وقدم المحدث ا. هـ البحر المحيط 6/ 90.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست