responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 95
المقصد الثاني: في السنّة
الفصل الأول: في معنى السنّة لغة وشرعا
...
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْنَى السُّنَّةِ لُغَةً وَشَرْعًا
وأما لُغَةً: فَهِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ، وَأَصْلُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ سَنَنْتُ الشَّيْءَ بِالْمِسَنِّ[1] إِذَا أَمْرَرْتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهِ سَنًّا أَيْ: طَرِيقًا، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهَا الدَّوَامُ فَقَوْلُنَا: سُنَّةٌ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِالْإِدَامَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: سَنَنْتَ الْمَاءَ إِذَا وَالَيْتَ فِي صَبِّهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ[2]: أَصْلُهَا الطَّرِيقَةُ الْمَحْمُودَةُ، فَإِذَا أُطْلِقَتِ انْصَرَفْتَ إِلَيْهَا، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهَا مُقَيَّدَةً كَقَوْلِهِ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً" وَقِيلَ: هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمُعْتَادَةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" [3].
وَأَمَّا مَعْنَاهَا شَرْعًا: أَيْ: فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ: قَوْلُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلُهُ وَتَقْرِيرُهُ، وَتُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ عَلَى الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ فِي عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ، وَأَمَّا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْفِقْهِ فَإِنَّمَا يُطْلِقُونَهَا عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الْبِدْعَةَ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
قَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي "فِقْهِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ"[4]: وَكَرِهَ الْعُلَمَاءُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: سُنَّةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: سُنَّةُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ.
وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْهَادِينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" [5]. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ هُنَا الطَّرِيقَةَ.
وَقِيلَ فِي حَدِّهَا اصْطِلَاحًا هِيَ: مَا يُرَجَّحُ جَانِبُ وُجُودِهِ عَلَى جَانِبِ عَدَمِهِ تَرْجِيحًا لَيْسَ مَعَهُ الْمَنْعُ مِنَ النَّقِيضِ.
وَقِيلَ هِيَ: مَا وَاظَبَ عَلَى فعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ تَرْكٍ مَا بَلَا عُذْرٍ.
وَقِيلَ هِيَ: فِي الْعِبَادَاتِ النَّافِلَةُ، وَفِي الْأَدِلَّةِ مَا صَدَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْبَحْثِ عَنْهُ في هذا العلم.

[1] حجر يحدد به. ا. هـ. الصحاح مادة سنن.
[2] هو حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي، العلامة، فقيه، محدث. توفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة هجرية، وهو من ولد زيد بن الخطاب "أخي عمر"، وكانت ولادته سنة تسع عشرة وثلاثمائة هـ، من آثاره: "معالم السنن في شرح سنن أبي داود" "غريب الحديث" "أعلام السنن". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "17/ 23" معجم المؤلفين "2/ 61" الأعلام "2/ 273".
[3] أخرجه مسلم من حديث جرير بن عبد الله، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة "1017". وابن ماجه، المقدمة "203". والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء فيمن دعا إلى هدى فاتبع أو ضلالة "2675" وقال: حسن صحيح. والنسائي كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة "2553" 5/ 75. وابن حبان في صحيحه "3308".
[4] واسمه "فقه اللغة" لأبي الحسين، أحمد القزويني المعروف بابن فارس المتوفى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة هـ، وهو المسمى بالصاحبي؛ لأنه ألفه للصاحب كشف الظنون "2/ 288" ابن عباد. ا. هـ.
[5] أخرجه الترمذي من حديث العرباض بن سارية، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة "2676" وقال: حسن صحيح. ابن ماجه في المقدمة "43". وأبو داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة "4607".
الإمام أحمد في المسند "4/ 126". ابن حبان في صحيحه5.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست