responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 384
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِتَخْصِيصِ الْعَقْلِ إِلَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى: فَلَا خِلَافَ أَنَّ الشَّرْعَ نَاقِلٌ عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ مِنَ الْبَرَاءَةِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ، وَالْغَزَالِيُّ وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: إِنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ؛ إِذْ مُقْتَضَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ ثَابِتٌ إِجْمَاعًا، لَكِنَّ الْخِلَافَ فِي تَسْمِيَتِهِ تَخْصِيصًا، فَالْخَصْمُ لَا يُسَمِّيهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَصِّصَ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي التَّخْصِيصِ، وَهُوَ الْإِرَادَةُ لَا الْعَقْلُ، وَكَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: إِنَّهُمْ "أَجْمَعُوا"* عَلَى صِحَّةِ دَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَى خُرُوجِ شَيْءٍ عَنْ حُكْمِ الْعُمُومِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَتِهِ تَخْصِيصًا.
وَقِيلَ: الْخِلَافُ رَاجِعٌ إِلَى مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ، فَمَنْ مَنَعَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَقْلِ، فَهُوَ رُجُوعٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْعَقْلَ لَا يُحَسِّنُ وَلَا يُقَبِّحُ، وَأَنَّ الشَّرْعَ يَرِدُ بِمَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ.
وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْأَصْفَهَانِيُّ، وَهُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا فَالْكَلَامُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، غَيْرُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
وَقَدْ جَاءَ الْمَانِعُونَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَقْلِ بِشُبَهٍ مَدْفُوعَةٍ كُلِّهَا رَاجِعَةً إِلَى اللَّفْظِ، لَا إِلَى الْمَعْنَى، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا. قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": فَإِنْ قِيلَ: لَوْ جَازَ التَّخْصِيصُ بِالْعَقْلِ، فَهَلْ يَجُوزُ النَّسْخُ بِهِ، قُلْنَا نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَنْ سَقَطَتْ رِجْلَاهُ عَنْهُ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا عُرِفَ بِالْعَقْلِ. انْتَهَى.
وَأَجَابَ غَيْرُهُ: بِأَنَّ النَّسْخَ إِمَّا بَيَانُ مُدَّةِ الْحُكْمِ، وَإِمَّا رَفْعُ الْحُكْمِ عَلَى التَّفْسِيرَيْنِ، وَكِلَاهُمَا مَحْجُوبٌ عَنْ نَظَرِ الْعَقْلِ، بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ، فَإِنَّ خُرُوجَ الْبَعْضِ عَنِ الْخِطَابِ قَدْ يُدْرِكُهُ الْعَقْلُ فَلَا مُلَازَمَةَ.
وَلَيْسَ التَّخْصِيصُ بِالْعَقْلِ من الترجيح لدليل عَلَى دَلِيلِ الشَّرْعِ، بَلْ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ إِمْكَانِ اسْتِعْمَالِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ عَلَى عُمُومِهِ المانع قطعي، وهو دليل العقل.

* في "أ": احتجوا.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست