responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 282
الشَّارِعَ لَوْ قَالَ نَهَيْتُكَ عَنِ الرِّبَا نَهْيَ تحريم ولو فَعَلْتَ لَكَانَ الْبَيْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مُوجِبًا لِلْمَلِكِ لَصَحَّ مِنْ غَيْرِ تَنَاقُضٍ، لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا.
وَأُجِيبَ: بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِ النَّهْيِ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لَهُ عَنِ الظَّاهِرِ، وَلَمْ نَدَّعِ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَهُ الْفَسَادُ فَقَطْ.
وَذَهَبَتِ الحنفية إلى: أن ما لا تتوقف مَعْرِفِتُهُ عَلَى الشَّرْعِ كَالزِّنَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ يَكُونُ النَّهْيُ عَنْهُ لِعَيْنِهِ، وَيَقْتَضِي الْفَسَادَ إِلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِوَصْفِهِ، أَوِ الْمُجَاوِرِ لَهُ، فَيَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ عَنْهُ لِغَيْرِهِ، فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِ الْحَائِضِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى الشَّرْعِ فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَلَمْ يَسْتَدِلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلٍ مَقْبُولٍ.
وَالْحَقُّ: أَنَّ كُلَّ نَهْيٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَفَسَادَهُ الْمُرَادِفَ لِلْبُطْلَانِ، اقْتِضَاءً شَرْعِيًّا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اقْتِضَائِهِ لِذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا الدَّلِيلُ قَرِينَةً صَارِفَةً لَهُ مِنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ إِلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ.
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى هَذَا ما ورد في الحديث الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل أمر ليس عليه أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" 1 وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ، وَمَا كَانَ رَدًّا أَيْ: مَرْدُودًا كَانَ بَاطِلًا، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مَعَ اخْتِلَافِ أَعْصَارِهِمْ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالنَّوَاهِي عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ لَيْسَ مِنَ الشَّرْعِ، وَأَنَّهُ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّهْيِ مقتضيًا للفساد، وصح عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إذا أمرتكم بأمر فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِنْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ" [2] فَأَفَادَ وُجُوبَ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَدَعْ عَنْكَ مَا "رَاوَغُوا3"*به من الرأي.

* في "أ": روغوا.

أخرجه البخاري من حديث عائشة، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود "2697". ومسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثان الأمور "1718". وأبو داود، كتاب السنة، وباب في لزوم السنة "4606". والبيهقي، كتاب آداب القاضي "10/ 119". وابن حبان في صحيحه "26".
[2] أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر "1337". والنسائي في السنن، كتاب مناسك الحج، باب وجوب الحج "2618". والترمذي في السنن، كتاب العلم، باب في الانتهاء عما نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "2679". وقال: حسن صحيح. وابن ماجه في السنن، المقدمة "2". والبيهقي في السنن، كتاب الحج، باب وجوب الحج مرة واحدة "4/ 326". وابن حبان في صحيحه "18".
3 راغ الثعلب روغًا وروغانًا: ذهب يمنة ويسرة في سرعة خديعة، فهو لا يستر في جهة، ويستعار هذا المعنى للرجل المخادع. ا. هـ. المصباح المنير مادة روغ.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست