responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 183
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ فِيهِمَا، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذِكْرُ السَّبَبِ فِيهِمَا، إِذَا كَانَ بَصِيرًا بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ "فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِذِكْرِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ التَّعْدِيلِ كَثِيرَةٌ فَيَشُقُّ ذِكْرُهَا"* بِخِلَافِ الْجَرْحِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ، وَأَيْضًا سَبَبُ الْجَرْحِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، بخلاف سبب التعديل، وإلى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَنُقَّادِهِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ الْجَرْحُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَلَا يُقْبَلُ التَّعْدِيلُ إِلَّا بِذِكْرِ السَّبَبِ، قَالُوا: لِأَنَّ مُطْلَقَ الْجَرْحِ يُبْطِلُ الثِّقَةَ وَمُطْلَقَ التَّعْدِيلِ لَا يُحَصِّلُ الثِّقَةَ؛ لِتَسَارُعِ النَّاسِ إِلَى الظَّاهِرِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ وَالْمُعَدِّلَ قَدْ يَظُنَّانِ مَا لَيْسَ بِجَارِحٍ جَارِحًا وَقَدْ يَظُنَّانِ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِ الْعَدَالَةِ تَعْدِيلًا، وَلَا سِيَّمَا مَعَ اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، فَقَدْ يَكُونُ مَا أَبْهَمَهُ الْجَارِحُ مِنَ الْجَرْحِ هُوَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ مَذْهَبِهِ، وَعَلَى خِلَافِ مَا يَعْتَقِدُهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ مَا أَبْهَمَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ هُوَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَعَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ مُخَالِفًا لِلْحَقِّ كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا.
وَعِنْدِي: أَنَّ الْجَرْحَ الْمَعْمُولَ بِهِ هُوَ أَنْ يَصِفَهُ بِضَعْفِ الْحِفْظِ أَوْ بِالتَّسَاهُلِ فِي الرِّوَايَةِ أَوْ بِالْإِقْدَامِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى تَسَاهُلِهِ بِالدِّينِ. وَالتَّعْدِيلُ الْمَعْمُولُ بِهِ: هُوَ أَنْ يَصِفَهُ بِالتَّحَرِّي فِي الرِّوَايَةِ وَالْحِفْظِ لِمَا يَرْوِيهِ، وَعَدَمِ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى تَسَاهُلِهِ بِالدِّينِ فَاشْدُدْ عَلَى هَذَا يَدَيْكَ تَنْتَفِعْ بِهِ عِنْدَ اضْطِرَابِ أَمْوَاجِ الْخِلَافِ.
فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا وَرَدَ الْجَرْحُ الْمُطْلَقُ كَقَوْلِ الْجَارِحِ: لَيْسَ بِثِقَةٍ أَوْ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ هُوَ ضَعِيفٌ، فَهَلْ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْمَرْوِيِّ مَعَ هَذَا أَمْ لَا؟ قُلْتُ: يَجِبُ حِينَئِذٍ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَبْحَثَ الْمُطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ فِي مُطَوَّلَاتِ الْمُصَنَّفَاتِ فِي هَذَا الشَّأْنِ "كَتَهْذِيبِ الْكَمَالِ" لِلْمِزِّيِّ[1] وَفُرُوعِهِ وَكَذَا "تَارِيخُ الإسلام"2،

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

[1] واسمه: "تهذيب الكمال في معرفة الرجال" للحافظ يوسف بن الزكي المزي، و"الكمال في معرفة الرجال"، للإمام محب الدين بن النجار محمد بن محمود البغدادي.
2 وهو المعروف بـ"تاريخ الذهبي"، للإمام الحافظ شمس الدين أبي عبد الله الدمشقي، وهو تاريخ كبير، على السنوات، جمع فيه بين الحوادث والوفيات وانتهى إلى آخر سنة إحدى وأربعين وسبعمائة هـ، ا. هـ. كشف الظنون "1/ 294".
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست