نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 148
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّسَائِيِّ[1] أَيْضًا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: ذَهَبَ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الرَّاوِيَ إِذَا رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا انْتَفَتْ عَنْهُ الْجَهَالَةُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْأُصُولِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْوِي الْجَمَاعَةُ عَنِ الْوَاحِدِ لَا يَعْرِفُونَ حَالَهُ وَلَا يُخْبِرُونَ شَيْئًا مَنْ أَمْرِهِ وَيُحَدِّثُونَ بِمَا رَوَوْا عنه "ولا يخرجه روايتهم عنه"* "عن"** على الْجَهَالَةِ؛ إِذْ لَمْ يَعْرِفُوا عَدَالَتَهُ؛ انْتَهَى.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ بِارْتِفَاعِ جَهَالَةِ الْعَيْنِ بِرِوَايَةِ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا عَنْهُ لَا بِارْتِفَاعِ جَهَالَةِ الحال كما سبق.
والحق لأنها لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَيْنِ وَلَا مَجْهُولِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الظَّنِّ بِالْمَرْوِيِّ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَدْلًا وَقَدْ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [2] وَقَوْلِهِ: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم} [3]؛ وَقَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ الْعَدْلِ فَكَانَ كَالْمُخَصِّصِ لِذَلِكَ الْعُمُومِ، فَبَقِيَ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ دَاخِلًا تَحْتَ الْعُمُومَاتِ وَأَيْضًا قَدْ تَقَرَّرَ عَدَمُ قَبُولِ رِوَايَةِ الْفَاسِقِ وَمَجْهُولُ الْعَيْنِ أَوِ الْحَالِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ فَاسِقٍ فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ لِأَنَّ عَدَمَ الْفِسْقِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ عند فَلَا بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ هَذَا الشَّرْطِ وَأَيْضًا وُجُودُ الْفِسْقِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ رِوَايَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ هَذَا الْمَانِعِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ مَنْ قَالَ بِالْقَبُولِ بِمَا يَرْوُونَهُ من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نحن نحكم بالظاهر"[4]. فقال
* ما بين القوسين ساقط من "أ".
** في "أ": على. [1] هو أحمد بن شعيب الإمام الحافظ الثبت، شيخ الإسلام، ناقد الحديث، أبو عبد الرحمن، صاحب السنن، ولد في نسا سنة خمس عشرة ومائتين هـ، وتوفي في طريقه إلى الحج شهيدًا بعد أن امتحن بدمشق سنة ثلاث وثلاثمائة هـ، ا. هـ. سير أعلام النبلاء "14/ 125"، شذرات الذهب "2/ 239"، تذكرة الحفاظ "2/ 698". [2] جزء من الآية "28" من سورة النجم. [3] جزء من الآية "36" من سورة الإسراء. [4] قال السخاوي في المقاصد الحسنة "178": اشتهر بين الأصوليين والفقهاء، ولا وجود له في كتب الحديث المشهور ولا الأجزاء المنثورة، وجزم العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره المزي وغيره، وتبعه على ذلك العجلوني في كشف الخفاء "1/ 192"، وزاد نقله على الزركشي، فقد قال: لا يعرف بهذا اللفظ، وابن كثير قال: لم أقف له على سند، وأنكره القاري والحافظ ابن الملقن.
انظر المصنوع في معرفة الحديث الموضوع رقم "38" بتحقيق مولانا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فقد نبه فيه على غلط وقع للسخاوي وتبعه بعض العلماء.
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 148