نام کتاب : نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر - ت الرحيلي نویسنده : العسقلاني، ابن حجر جلد : 1 صفحه : 213
نَصَّ الشافعي يدل على غير ذلك، فإنه قال -في أثناء كلامه على ما يَعْتَبَرُ بهِ حالُ الرَّاوي في الضبط ما نصه-: ويكونَ إذا شَرِكَ أَحداً مِن الحُفَّاظِ لم يخالِفْه، فإنْ خالَفَهُ فَوُجِد حديثُه أَنقصَ كانَ في ذلك دليلٌ على صحَّةِ مَخْرَجِ حديثِهِ. ومتى خالَفَ ما وَصفتُ أضَرّ ذلك بحديثه، انتهى كلامه، ومُقتَضاهُ أَنَّهُ إِذا خَالَفَ فوُجِد حديثُهُ أَزْيَدَ أَضرَّ ذلك بحديثِه، فدلَّ على أَنَّ زيادةَ العَدْلِ عندَه لا يلزَمُ قَبولُها مُطْلقاً، وإِنَّما تُقبَلُ من الحفاظ، فإِنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ يكونَ حديثُ هذا المُخالِفِ أنقصَ مِن حديثِ مَنْ خَالفه مِنَ الحُفّاظ، وجَعَلَ نقصانَ هذا الرَّاوي مِن الحديثِ دليلاً على صحته؛ لأنه يَدُلُّ على تَحَرِّيهِ، وجَعَلَ ما عَدا ذلك مُضِرّاً بحديثِه؛ فدخلتْ فيهِ الزِّيادةُ؛ فلو كانتْ عندَه مقبولةً مُطْلقاً لم تكنْ مضِرّةً بحديثِ صاحبها.
[المحفوظ والشاذ]
فإن خولف بأرجحَ منهُ: لِمَزِيد ضبطٍ، أَوْ كثرةِ عددٍ، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالرَّاجِحُ يقالُ لهُ: "المَحْفوظُ".
ومقابِلُهُ، وهو المرجوحُ، يُقالُ لهُ: "الشَّاذُّ".
مثالُ ذلك: ما رواهُ الترمذي، والنسائيّ، وابنُ ماجَة، مِن طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بن دينار، عن عَوْسَجَةَ، عن ابن عباس: "أن رجلاً تُوُفِّيَ على عهد النبي صلى الله عليه وسلَّمَ، ولم يَدَعْ وارِثاً إِلاَّ مولىً هو أعتقه ... "، الحديث، وتابَعَ ابنَ عُيَيْنَةَ على وَصْلِهِ ابنُ جُرَيْجٍ وغيرُهُ، وخالفَهُم حمادُ بنُ زيدٍ؛ فرواهُ عَنْ عَمْرو بنِ دينارٍ، عَن عوسجةَ. ولم يَذْكر ابنَ عباسٍ. قال أبو حاتمٍ: المحفوظُ حديثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ. انتهى.
فحمادُ بنُ زيدٍ مِن أَهلِ العدالةِ والضَّبطِ، ومعَ ذلك، رَجَّحَ أبو حاتمٍ روايةَ مَنْ هم أكثرُ عدداً منهُ.
وعُرِفَ مِن هذا التقريرِ أَنَّ الشَّاذَّ: ما رواهُ المقْبولُ مُخالِفاً لِمَنْ هُو أَولى مِنهُ، وهذا هُو المُعْتَمَدُ في تعريف الشاذ، بحسَبِ الاصطلاح.
نام کتاب : نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر - ت الرحيلي نویسنده : العسقلاني، ابن حجر جلد : 1 صفحه : 213