نام کتاب : منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر نویسنده : على عبد الباسط مزيد جلد : 1 صفحه : 33
وقد تكون موضِّحة لمبهمه، فلم يفهم الصحابة الظلم في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] فبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك للصحابة بأن المراد "الشرك"، واستدل بقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] .
وهناك أحكام أتى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكرها القرآن الكريم مجملة أو مفصلة أو مبهمة أو عامة أو خاصة أو مطلقة أو مقيدة، ومن ذلك تحريم لحوم الْحُمُر الأهلية، وتحريم كل ذي ناب من السباع، وتحريم كل ذي مخلب من الطير، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في الزواج ... إلخ، وتحليله لحوم الضب والأرانب؛ ولكن: هل هذه الأحكام جديدة أم نُصَّ عليها في كتاب الله عز وجل؟
أ- يرى المحدثون أن مثل هذه الأحكام جديد سكت عنه القرآن الكريم.
ب- ويرى بعض العلماء -وخاصة الأصوليين- أن هذه الأحكام ليست جديدة، فكل ما جاءت به السُّنَّة لا يخرج عن كونه بيانًا لما في كتاب الله عز وجل.
وقد كان السبب في اختلافهم هذا اختلاف فهمهم لما جاء في كتاب الله تعالى أنه قد حوى كل شيء، وأنه فيه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [1].
فالمحدِّثون يرون أن مثل هذه الأحكام -وإن لم ينص عليها القرآن الكريم- تندرج تحت الآيات التي تأمر باتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطاعته، وتحذر من مخالفته فيما يحكم بينهم، فالقرآن الكريم -إذن- قد بيَّن كل ما يأتي به الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين نص على سنته والأخذ بها.
وأصحاب الرأي الثاني يرون أن القرآن الكريم قد اشتمل على الأصول العامة التي يمكن أن يندرج تحتها كل ما ينفع المؤمنين ويوجه مسيرتهم على الطريق [1] قال الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] .
نام کتاب : منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر نویسنده : على عبد الباسط مزيد جلد : 1 صفحه : 33