نام کتاب : منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر نویسنده : على عبد الباسط مزيد جلد : 1 صفحه : 25
الثاني: والمراد بالذكر في الآية الكريمة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الشرع والدين الذي بعث به رسوله، فهو يشمل القرآن والسُّنَّة ولا يخص أحدهما، والدليل قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] .
وقد قيض الله تعالى من يحفظ كتابه، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وتنقيتها من الدخيل والموضوع، وحفظها من التغيير والتبديل والتحريف.
وهذا ما فهمه عبد الله بن المبارك حين قيل له: "هذه الأحاديث الموضوعية؟ " فقال: تعيش لها الجهابذة، وتلا قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [1].
وقال ابن حزم في معرض رده على الزاعمين أن الذكر هو القرآن: "هذه دعوى كاذبة مجردة عن البرهان وتخصيص للذكر بلا دليل، والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- من قرآن أو سنة"[2].
الثالث: كون الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بعدم كتابة السُّنَّة فليس ذلك دليلًا على عدم حجيتها؛ وإنما كان ذلك لأسباب تقتضيها المصلحة، ومن هذه الأسباب: أن النهي كان أولًا وذلك للتفرغ لحفظ القرآن الكريم والاطمئنان إلى عدم اختلاطه بغيره.
ومنها: أن النهي كان في حق أشخاص بعينهم حتى لا يتكلوا على الكتابة أو لضعفهم في كتابة العربية.
وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ بكتابة السُّنَّة لبعض الصحابة في أول الإسلام، ثم كان الإذن لمن شاء أن يكتب بعد ذلك.
الرابع: الأحاديث التي احتجوا بها على عدم حجية السُّنَّة لا تنهض دليلًا على رأيهم؛ لأنها غير صحيحة: [1] تدريب الراوي "2/ 358" مؤسسة الرسالة - بيروت. [2] الإحكام "1/ 121".
نام کتاب : منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر نویسنده : على عبد الباسط مزيد جلد : 1 صفحه : 25