والنقصان والتبديل والتحريف، يفتون بموجبه، ويروون عن مشاهدة خطه، فلو قيل لهم: من أين لكم أن هذا الكتاب تأليف فلانٍ، أو هذا الكلام للإمام الشافعي، أو أبي حنيفة -رحمة الله عليهما- لاشتغلوا بتأويلات يسوغون بها باطلهم، بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، فهذا الزمان الذي أخبر بمعناه صلى الله عليه وسلم في كثيرٍ من أحاديثه الصحيحة، هذا مع أنهم يقرؤون في كتب الأصول حكاية اختلاف العلماء قديماً وحديثاً في قبول رواية المراسيل التي يرويها التابعي المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد إسقاط ذكر الصحابي المروي عنه، فإن الشافعي وجمهور المحدثين لم يقبلوها، وإن قبل الشافعي مراسيل سعيدٍ بن المسيب، فإنه إنما قبلها لكونه تتبعها فوجدها عنده مسانيد.
فإذا كان مثل سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وغيرهم من سادات التابعين، إذا أطلقوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسقطوا ذكر الصحابي لم يقبل ذلك احتجاجاً، به، فكيف [بغيرهم] ممن بعد سبعمائة ونيفٍ وعشرين سنةٍ؟!
يقولون في مثل كتاب (المصابيح) ، و (المشارق) ، و (الشهاب) ، وغيرها: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم؟! متأولين ثبوت أسانيدها عند أهلها، ويا له من خطأ ظاهرٍ عند أهله، فالواجب أن يذكر إسناد الكتاب المقروء أولاً، ويقول: أخبرنا فلان بن فلان بن فلان إجازةً أو قراءةً عليه، أو سماعاً، على ما تقتضيه روايته عن شيخه، قال: أخبرنا فلانٌ هكذا إلى مؤلفه، ثم يقول: