نام کتاب : قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث نویسنده : القاسمي، جمال الدين جلد : 1 صفحه : 189
ثم رأيت التاج السبكي قال في طبقاته: "الحذر كل الحذر أن تفهم أن قاعدتهم: الجرح مقدم على التعديل إطلاقها، بل الصواب أن من ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه، وندر جارحوه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره لم يلتفت إلى جرحه". وقال أيضًا: "قد عرفناك أن الجارح لا يقبل منه الجرح، وإن فسره في حق من غلبت طاعته على معاصيه ومادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثله من تعصب مذهبي أو منافسة دنيوية كما يكون بين النظراء وغير ذلك، وحينئذ فلا يلتفت لكلام الثوري وغيره في أبي حنيفة وابن أبي ذئب وغيره في مالك وابن معين في الشافعي، والنسائي في أحمد بن صالح ونحوه، ولو أطلقنا تقديم الجرح لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون". ا. هـ.
وقال الحافظ الذهبي في ميزانه في ترجمة الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ما نصه: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعدواه أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصمه الله، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ولو شئت لسردت من ذلك كراريس". ا. هـ.
وقال العارف الشعراني قدس سره في مقدمة الميزان: "ما من راوٍ من الرواة المحدثين والمجتهدين كلهم إلا وهو يقبل الجرح كما يقبل التعديل لو أضيف إليه ما عدا الصحابة، وكذا التابعون عند بعضهم لعدم العصمة، أو الحفظ في بعضهم، ولكن لما كان العلماء -رضي الله عنهم- أمناء على الشريعة، وقدموا الجرح أو التعديل عمل به مع قبول كل الرواة لما وصف به الآخر احتمالًا، وإنما قدم جمهورهم التعديل على الجرح وقالوا الأصل العدالة والجرح طارئ لئلا يذهب غالب أحاديث الشريعة كما قالوا أيضًا إن إحسان الظن بجميع الرواة المستورين أولى، وكما قالوا إن مجرد الكلام في شخص لا يسقط مروية فلا بد من الفحص عن حاله، وقد خرج الشيخان لخلق كثير ممن تكلم الناس فيهم إيثارًا لإثبات الأدلة الشرعية على نفيها ليحوز الناس فضل العمل بها؛ فكان في ذلك فضل كثير للأمة، أفضل من تجريهم؛ كما أن تضعيفهم للأحاديث أيضًا رحمه للأمة، بتخفيف الأمر بالعمل بها، وإن لم يقصد الحفاظ ذلك، فإنهم لو لم يضعفوا شيئًا من الأحاديث وصححوها كلها لكان العمل بها واجبًا، وعجز عن ذلك غالب الناس فاعلم ذلك". ا. هـ.
نام کتاب : قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث نویسنده : القاسمي، جمال الدين جلد : 1 صفحه : 189