وقال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي: لم أرَ أعلم بالعلل والأسانيد من محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري [1] .
هذا وإن ثناء الأئمة الحفاظ على الإمام البخاري يطول سرده وصنَّف الأئمة والحفاظ في سيرته ومناقبه مصنفات متنوعة، لذا اكتفيت بهذه المقتطفات من بحر فضله.
محنته ووفاته:
بعد رحلة شاقة وطويلة قضاها الإمام أبو عبد الله في الرواية والسماع، قرر أن يعود إلى بلده لتسكن نفسه، وتهدأ روحه، فلما وصل إلى بخارى نصبت له القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهلها حتى لم يبق مذكور، ونثرت عليه الدراهم والدنانير، وبقي مدَّة يُحدِّثُهم، فبعث إليه الأمير خالد بن أحمد الذهلي والى بخاري أن أحمل إليَّ كتاب ((الجامع)) و ((التاريخ)) وغيرهما لأسمع منك، فامتنع أبو عبد الله عن الحضور عنده، فراسله أن يعقد مجلساً لأولاده لا يحضره غيرهم، فامتنع عن ذلك أيضاً، وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قوماً دون قوم، فاستعان خالد بن احمد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم ببخارى عليه حتى تكلموا في مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم أبو عبد الله فقال: اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم، فأما خالد فلم يأت [1] ينظر: تاريخ بغداد 2/4-36، تهذيب الأسماء واللغات 1/67، تهذيب الكمال 24/431، 445 وما بعدها، سير أعلام النبلاء 12/408، وما بعدها، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/218 وما بعدها، هدي الساري 486 وما بعدها.