بل لابد من فقد الشذوذ ونفي العلة، والوقوف على ذلك الآن متعسر بل متعذر، لأن الاطلاع على العلل الخفية إنما كان للأئمة المتقدمين لقرب أعصارهم من عصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان الواحد منهم من يكون شيوخه التابعين، أو أتباع التابعين، أو الطبقة الرابعة، فكان الوقوف على العلل إذ ذاك متيسرا للحافظ العارف، وأما الأزمان المتأخرة فقد طالت فيها الأسانيد، فتعذر الوقوف على العلل إلا بالنقل من الكتب المصنفة في العلل فإذا وجد الإنسان في جزء من الأجزاء حديثا بسند واحد ظاهره الصحة لاتصاله وثقة رجاله، لم يمكنه الحكم عليه بالصحة لذاته لاحتمال أن تكون له علة خفية لم يطلع عليها لتعذر العلم بالعلل في هذه الأزمان ".
"أما القسم الثاني، فهذا لا يمنعه ابن الصلاح ولا غيره وعليه يحمل صنيع من كان في عصره ومن جاء بعده، فإني استقريت ما صححه هؤلاء فوجدته من قسم الصحيح لغيره لا لذاته ".[1]هـ [1] .
مناقشة رأي السيوطي:
فعسى الحافظ السيوطي ـ رحمه الله ـ من خلال هذا التحليل أن يوجه كلام ابن الصلاح توجيها حسنا كي يوفق بينه وبين المعترضين عليه في مجال التصحيح، إلا أن سعيه هذا [1] نقله الدكتور/ نور الدين عتر ـ حفظه الله ـ في كتابه: منهج النقد في علوم الحديث
ص:263ـ265، من رسالة التنقيح لمسألة التصحيح، للسيوطي، مخطوطة في الظاهرية،
في مجموع رقم:5896 عام.