وقوله: " فآل الأمر إذاً في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم "وقوله: " وصار معظم المقصود بما يتداول من أسانيد، خارجا من ذلك إبقاء سلسلة الإسناد "
فما المقصود "بالأجزاء وغيرها "؟ وما معنى تعذر الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد؟ وكيف يتم له التعميم بقوله: " ما من إسناد من ذلك إلا ونجد فيه خللا يضر الصحة؟ وهل يقصد بقوله: " فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن " معرفة الصحيح والحسن في جميع الأحاديث أم في الأحاديث التي توجد في الأجزاء وغيرها؟
والإجابة على هذه التساؤلات تتوقف إلى حد كبير على ذكر بعض الأمور التاريخية، لها دور فعال في بلورتها.
مستجدات عصره وأثرها في معرفة الصحيح والحسن.
إن المسيرة التاريخية للسنة النبوية يمكن تقسيمها إلى مرحلتين زمنيتين كبيرتين، لك منهما معاليمها وخصائصها المميزة: فأما الأولى فيمكن تسميتها " بمرحلة الرواية " وهي ممتدة من عصر الصحابة إلى نهاية القرن الخامس الهجري تقريباً، وأبرز خصائصها هي كون الأحاديث تتلقى فيها وتنقل بواسطة الأسانيد والرواية المباشرة.
فالإسناد في هذه المرحلة كان بمثابة العمود الفقري، عليه يتم الاعتماد في تلقي الأحاديث ونقلها.