التدليس والمدلسون
للشيخ حماد الأنصاري المدرس في الجامعة
هذا واحد وستون ومائة راو من المدلسين ما بين متفق عليه ومختلف فيه جمعتهم من مراجع مختلفة إسعافا لمن له رغبة في الحديث, وإن قل من يشتغل بهذا الفن في عصرنا هذا.
وقبل سردهم أبدأ بمعنى التدليس, ثم أثني بأقسام التدليس, ثم أثلث بطبقات المدلسين. فلأقول -بعد الاستعانة بالله فإنه خير مستعان به-: التدليس في اللغة: هو التلبيس والتغطية وهو مشتق من الدلس -محركة- وهو الظلام.
وفي الاصطلاح: أن يروي الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه بلفظ يوهم السماع (كعن, وقال, وأن) , ووجه الشبه بين المعنى اللغوي والاصطلاحي أن الظلمة تغطي ما فيها كما أن المدلس يغطي المروي عنه فكأنه لتغطيته على الواقف عليه أظلم أمره.
أقسام التدليس: ثلاثة:
1- تدليس الإسناد:
وهو أن يحدف اسم شيخه الذي سمع منه ويرتقي إلى شيخ شيخه بلفظ يوهم السماع كعن أو واحدة من أختيها, أو يسقط أداة الرواية بالكلية ويسمي الشيخ فقط فيقول: فلان. قال علي بن خشرم كنا عند ابن عيينة فقال: الزهري فسكت, فقيل له: سمعته من الزهري؟ فقال: لا, ولا ممن سمعه من الزهري, حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري.
اختلف أهل الصناعة في أهل هذا القسم, فقال بعضهم: يرد حديثهم مطلقا سواء أثبتوا السماع أو لا, وأن التدليس نفسه جرح, والصحيح التفصيل: فإن صرح بالاتصال كقوله: سمعت, أو حدثنا, أو أخبرنا, فهو مقبول يحتج به, وإن أتى بلفظ يحتمل فحكمه حكم المرسل.
2- تدليس الشيوخ:
وهو أن يصف شيخه الذي سمع منه بوصف لا يعرف به من اسم أو كنية أو لقب أو نسب إلى قبيلة أو بلدة أو صنعة أو نحو ذلك, قال ابن الصلاح: "وأمر هذا القسم أخف من الأول وقد جزم ابن الصباغ بأن من فعل ذلك لكون من روى عنه غير ثقة عند الناس وإنما أراد أن يغير اسمه ليقبلوا خبره يجب أن لا يقبل خبره, وإن يعتقد فيه الثقة فقد غلط في ذلك؛ لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لم يعرفه هو, وإن كان لصغر