ثم هناك كلامٌ آخر للحاكم صريحٌ بعدم اشتراط العلم باللقاء، وإنّما أخّرته، لأن الكلام السابق هو كلام الحاكم في النوع الذي عقده للحديث المعنعن، ولأن كلامه الآخر (الآتي ذكره هنا) قد وقع في نقله عنه خلاف.
أعني قول الحاكم في (معرفة علوم الحديث) : ((المسند من الحديث: أن يرويه المحدّث عن شيخ يَظْهَرُ سماعُه منه لِسِنٍّ يحتمله، وكذلك سماعُ شيخه من شيخه، إلى أن يصل الإسنادُ إلى صحابي مشهور إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) (1) .
كذا جاءت العبارة في مطبوعة (معرفة علوم الحديث) للحاكم، بلفظ: ((لسنٍّ يحتمله)) ، التي هي عبارةٌ صريحةٌ على الاكتفاء بالمعاصرة. مع أن المحقق أشار في الحاشية أن النسخة الأصل لديه، قد جاءت فيها العبارة بلفظ ((ليس يجهله)) ، وظاهر تصرُّفه أن الخمس النسخ الأخرى كلها (التي اعتمدها في التحقيق) على خلافها، وأنها جاءت كما أثبته في الأصل: ((لسنٍّ يحتمله)) . وإن كنتُ أشك في صحّة ما ذكره عن النسخة الأصل، لأنه ذكر في مقدّمة تحقيقه أنه نسخ النسخة الأصل من بريطانيا، وظاهر كلامه أنه بعد سفره من بريطانيا أخذ يقابل ما نَسَخَه هو من النسخة الأصل على النُّسخ الأخرى (2) ، وهذا يختلف تمامًا عمّا لو كانت صورةٌ من النسخة الأصل بين يديه حين المقابلة، لاحتمال أن تكون قراءتُه ونَسْخُهُ الأول غيرَ مطابق للأصل.
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم (17) .
(2) مقدّمة تحقيق معرفة علوم الحديث للحاكم (كج، إلى: كط) .