أحدهما للآخر لا يقولان في حديث أحدهما عن الآخر: منقطع، وإنما يقولان: لم يثبت سماع فلان من فلان.
فإذن ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان: أحدهما: هو محمول على الاتصال، والآخر: لم يُعلم اتصال ما بينهما. فأمّا الثالث: وهو منقطع، فلا. فاعلم ذلك، والله الموفّق)) (1) .
أمّا الذهبي فتعقّب ابن القطان بقوله: ((بل رأيهما دالٌّ على الانقطاع)) (2) .
قلت: لكن لازم المذهب، ونصّ مسلم في مقدمته، كلاهما يؤيدان ما ذكره ابن القطان، كما سبق. أمّا موقف الذهبي فغريب مضطرب، لأنّه يصحح نسبة اشتراط العلم باللقاء إلى البخاري، وهذه النسبة إنما تصح على المذهب الذي ذكره ابن القطان هنا، لا على ما اختاره الذهبي.. كما سيأتي شرحه مستقبلاً (3) .
ثانيًا: تحرير شرط مسلم:
لقد أبان مسلمٌ عن رأيه في مقدّمة صحيحه بصراحةٍ، حيث قال: ((ذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديمًا وحديثًا: أن كل رجلٍ ثقةٍ روى عن مثله حديثًا، وجائزٌ ممكنٌ له لقاؤه والسماعُ منه، لكونهما جميعًا كانا في عصرٍ واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا، ولا تشافها بكلام= فالرواية ثابتة، والحجّة بها لازمة. إلا أن يكون هناك دلالةٌ بيّنةٌ أن هذا الراوي لم يَلْقَ من روى
(1) بيان الوهم والإيهام لابن القطان (2/ 576) .
(2) نقد الإمام الذهبي لبيان الوهم والإيهام (84 رقم16) .
(3) انظر ما سيأتي (42- 43) .