فإنما ورد هذا القول في سياق بيان أن (عن) من غير المدلس دالة على اللقاء، فهي دالة على نقيض ما أرادوا.
فهو يقول: [لمّا] كان قول الرجل (سمعت فلانًا يقول سمعت فلانًا) وقولُه (حدثني فلان عن فلان) سواءً عندهم، [بسبب أنه] لا يحدث واحدٌ منهم عن من لقي إلا ما سمع منه، ممن عناه [أي سمّاه] بهذه الطريق: [لذلك] قبلنا منه حدثني فلان عن فلان [أي قبلنا عنعنته] .
ثم انظر إلى استدلال الحافظ كيف قال: ((فذكر أنه إنما قبل العنعنة لما ثبت عنده أن المعنعِنَ غير المدلِّس وإنما يقول (عن) فيما سمع، فأشبه ما ذهب إليه البخاري)) (1) .
فلو حذف الحافظ واو العطف بعد كلمة (غير المدلس) ، لكان كلامه موافقًا لكلام الشافعي حقًّا، لكن حينها يكون كلام الشافعي لا يشبه. . بل يناقض ما نُسب إلى البخاري!!
فتأمّلْ ذلك طويلاً!! فقد بنيتُ هذا البحثَ على الاختصار.
ثانيًا: الإمام أبوبكر عبد الله بن الزبير الحميدي (ت 219هـ) .
أسند الخطيب إليه في (الكفاية) أنه قال بعد بيان شروط قبول الحديث: ((وإن لم يقل كل واحد ممن حدثه سمعت أو حدثنا (2) حتى
(1) النكت لابن حجر (2/ 596) .
(2) يعني: إذا لم يُصرّح الراوي بالسماع، فأتي بصيغة محتملة مثل (عن) .