الدليل التاسع: نصوصٌ للعلماء تدل على أنهم لا يشترطون في الحديث المعنعن العلمَ باللقاء.
أولاً: الإمام الشافعي (ت 204هـ) .
فمع أن الحافظ قد نقل كلام الشافعي مستدلاًّ به على أنه يشترط العلم باللقاء، إلا أنّنا سنقف عند كلامه، لنرى هل فيه دلالةٌ على ذلك، أم أنّه على نقيض ما ذكر؟!
قال الشافعي في الرسالة على لسان سائل: ((فقال: فما بالك قبلت ممن لم تعرفه بالتدليس أن يقول (عن) ، وقد يمكن فيه أن يكون لم يسمعه؟
فقلت له: المسلمون العدولُ عدولٌ أصحّاءُ الأمر في أنفسهم. . . (إلى أن قال:) وقولُهم (عن) خبرُ (1) أنفسِهم، وتسميتُهم على الصحّة. حتى نستدلّ من فعلهم بما يخالف ذلك، فنحترسَ منهم في الموضع الذي خالف فعلُهم فيه ما يجب عليهم.
ولم نعرف بالتدليس ببلدنا، فيمن من مضى ولا من أدركنا من أصحابنا، إلا حديثًا، فإن منهم من قبله عمن لو تركه عليه كان خيرًا له.
(1) ضبطها الشيخ أحمد شاكر بكسر الراء، على أنها مجرورة بعن.
وقد كنت أميل إلى تخطئة هذه القراءة، وأرى الصواب هو أن تكون بضم الراء، خبرًا لـ (قولهم) ، حتى وقفت على ما يؤكد هذا الظن، وهو نسخة خطية نفيسة، نسخت سنة (775هـ) من أصل الربيع بن سليمان، وقد ضبطت فيه الراء بالضمّ كما كنت أميل إليه (و47/ أ) ، فلله الحمد.