ومع عدم مراعاة ابنُ رُشيد لدلالة كلام القابسي الأخير، إلا أنه قال بعد كلامه الأول: ((أمّا لفظ القابسي فيُمكن أنه يريد به ثبوت المعاصرة البيّنة، وهو أظهر احتماليه فيه، ويمكن أن يريد طول الصحبة، فيكون موافقًا لما ذكره أبو المظفّر السمعاني)) (1) .
فهنا يعترف ابن رُشيد أن ظاهر كلام القابسي على مذهب مسلم، مفسِّرًا الإدراك البيّن (الذي جاء في كلام الداني أيضًا) : بالمعاصرة البيّنة.
فكيف لو لاحَظَ ابنُ رُشيد كلام القابسي الأخير؟! وكيف لو استحضر أن اشتراط طول الصحبة من قرائن بُعْد احتماله أنه قولٌ شاذٌ بمرّة؟!! وكيف لو علم ابنُ رشيد أن اشتراط طول الصحبة لا يصح أصلاً ولا عن أبي المظفر السمعاني (كما سبق) ؟!!!
وهنا أستغرب من ابن الصلاح، كيف ألمح إلى قُرْبِ مذهب القابسي من المذهب المذكور عن أبي المظفر السمعاني، وهو اشتراط طول الصحبة (2) ؟!
ورابعُ من نقل الإجماع أيضًا أبو بكر البيهقي (ت 458هـ) :
فبعد أن ذكر البيهقي في (معرفة السنن والآثار) كلامًا للطحاوي أعل به حديثًا بعدم العلم بالسماع، أجابه البيهقي بقوله: ((والذي يقتضيه مذهب أهل الحفظ والفقه في قبول الأخبار: أنه متى ما كان قيس بن
(1) السنن الأبين (61) .
(2) علوم الحديث لابن الصلاح (66) .