ومما شجعنى على ذلك الأمور الآتية: الأول: شك كثير ممن ينتمون إلى العلم - بل وإلى الدعوة إلى الإسلام؛ فضلا عن غيرهم ممن لا ثقافة إسلامية عندهم من الشباب المثقف وغيرهم من العوام - فى عقيدة نزول عيسى - صلى الله عليه وسلم -، وقتله للدجال فى آخر الزمان، حتى لقد قام فى نفسى أن كثيرا من الطلاب المتخرجين من جامعة الأزهر هم من هؤلاء الشاكين - إن لم يكونوا من المنكرين لها - وقد عرفت ذلك من مناقشتى لبعضهم شفهيا، ومن اطلاعى على فتاوى بعضهم فى ذلك، وتعليقات آخرين منهم على بعض الكتب.
ومن أشهر هؤلاء العلماء الشيخ (محمد عبده)؛ فإنه يقول فى حديث نزول عيسى عليه السلام تارة: بأنه حديث آحاد! وهذا حسب علمه بالحديث، وهو من أبعد العلماء المعاصرين عنه فى نقدى، وتارة يتأوله نزوله وحكمه فى الأرض بغلبة روحه وسر رسالته على الناس، وهو ما غلب فى تعليمه من الأمر بالرحمة والمحبة والسلم ... حكاه السيد رشيد رضا فى «تفسيره» (3/ 217)؛ ومع أنه رده عليه بقوله عقبه:
«ولكن ظواهر الأحاديث الواردة فى ذلك تأباه»؛ فإنه رد هذا الاستدراك بقوله عقبه أيضا:
«ولأهل هذا التأويل أن يقولوا: إن هذه الأحاديث قد نقلت بالمعنى كأكثر الأحاديث، والناقل للمعنى ينقل ما فهمه. وسئل (يعنى: محمد عبده) عن